28 April، 2024 الفارق بين القول بفناء النار والقول بإلغائها بين شيخ الإسلام ابن تيمية ود علي جمعة – أ.د عبد الحميد هنداوي

الفارق بين القول بفناء النار والقول بإلغائها بين شيخ الإسلام ابن تيمية ود علي جمعة أ.د عبد الحميد هنداوي الأستاذ بكلية دار العلوم - جامعة القاهرة شاع القول أخيرا عن د علي جمعة في برنامجه الرمضاني (نور الدين) القول باحتمال أن يلغي الله النار؛ حيث قال في حديثه " جماهير المسلمين بيعتقدوا أن الوعد والوعيد لا بد أن ينفذ ؛ ربنا أنبأنا إن فيه جنة وفيه نار ؛ طب ويوم القيامة: لو ربنا ألغى النار هانقول له : لأه ؟؟؟ طيب ما يلغيها ؛ ما يدخل كل الناس الجنة ؛ هو فعال لما يريد" ويتساءل: " وده وارد ؟؟ ... ويجيب: "علماء المسلمين كثيير قالوا: آه وارد" هذا نص كلامه باللغة الدارجة التي كان يتكلم بها مع أولاد وبنات تقريبا في سن المرحلة الثانوية. وقد أحدثت هذه المقولة ضجة كبيرة في أوساط عامة المسلمين ؛ لأن مفاد هذه المقولة أن الناس يمكن أن يُفاجؤوا يوم القيامة أن الله قد ألغى النار ، وأن الجميع سيدخل الجنة بما في ذلك المشركون الذين عبدوا مع الله إلها آخر والكفار الذين جحدوا وجود الحق سبحانه ، أو جحدوا الانقياد لأحكامه، وكذلك وأعداء الإسلام الذين قتلوا المسلمين وعذبوهم وشردوهم وذبحوا أبناءهم واستحيوا نساءهم ؛ بل إن دخول الجنة سوف يشمل (اليه..ود) (الصه..اينة) الذين يقتلون ويفجرون أطفال المسلمين ويغتصبون نساءهم في (غz  زززة). وهذا القول لم يسبقه إليه أحد من أهل الملة أصلا من أي فرقة من الفرق ...اللهم إلا أن يكون قولا لابن عربي الحلولي الذي يؤمن بعقيدة الحلول والاتحاد([1]) ويشير إلى نفسه ويقول ما في الجبة إلا الله ، ويقول في فصوصه بأن قوم نوح ما عبدوا سوى الله في صورة الأصنام !!! وكذلك هو القائل: لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبى       إذا لم يكن دينى إلى دينه دانى فقد صارَ قلـبى قابلاً كلَ صُـورةٍ         فـمرعىً لغـــــزلانٍ ودَيرٌ لرُهبـَــــانِ وبيتٌ لأوثــانٍ وكعـــبةُ طـائـــفٍ           وألـواحُ تـوراةٍ ومصـحفُ قــــــرآن أديـنُ بدينِ الحــــبِ أنّى توجّـهـتْ           ركـائـبهُ، فالحبُّ ديـنى وإيـمَانى. فهو يرى الوحدة التامة بين العبد والرب؛ ومن ثم من عبد أي معبود صنما أو صليبا أو غير ذلك فعنده أنه عابد لله ؛ ومن ثم فهو مستحق لجنته. لكن الحق يقال : إن د. علي جمعة لم يقل هذا ؛ لكنه قال باحتمالية أن يلغي الله النار يوم القيامة، ونسب هذا القول لعلماء كثير من المسلمين ؛ مع أنه قال في بداية كلامه كلاما مجملا يفيد أن جماهير علماء المسلمين لا يقولون بذلك ، وأنهم يقولون إن الله ينفذ وعده ووعيده، ويدخل الطائعين الجنة ، ويدخل العصاة النار ؛ فإذا كان هذا القول هو قول جماهير المسلمين ؛ فكيف يكون القول المضاد له قول كثير من علماء المسلمين؟!! غير أن هذا القول بهذه الطريقة التي تكلم بها الدكتور علي جمعة لا يصح نسبته لأحد من المسلمين أصلا قبله. قد يعتذر عنه فيقال : إنه يكلم صغارا ويبسط لهم الكلام ؛وأنه يريد الحديث عن فناء النار فقد تكلم به بعض أهل العلم. لكن في الحقيقة : إن كان هذا تبسيطا فهو بعيد تماما عن القول بفناء النار المنسوب لبعض أهل العلم، والقائلون بذلك قالوا إن فناء النار بعد أن يلبث أهل النار فيها أحقابا عديدة ، واختلفوا في الحقب ؛ فقال بعضهم : الحقب : خمسون ألف سنة ، وقال بعضهم ثلاثون ألف سنة، وهي أحقاب متتابعة ؛ كلما انقضى حقب تبعه حقب آخر. وقد ذكروا أن أصحاب الكبائر من المسلمين يخرجون من النار بعد أن يصيروا حمما، وبعد أن تأكل النار كل أجسادهم إلا مواضع السجود كما ورد في الأحاديث الصحيحة. فأين هذا القول من القول بأن الله يلغي النار يوم القيامة الذي قد يفهم منه العامة أن الله يلغي النار ابتداء قبل أن يعذب أهلها – ولا أظن د. علي جمعة – على ما عرف عنه من العلم الجم يقصد ذلك ؛ لكن كلامه المجمل غير المفصل في هذا الموضع يفهمه العامة على هذا النحو ؛ فلذا أحببت البيان والتوضيح . وقد ورد عن د. علي جمعة في لقاءات غير هذه كلام عن القول بفناء النار؛ لكن هذا القول قد حكم عليه علماء المسلمين بالشذوذ ؛ لأنه مخالف لما عليه جماهير علماء المسلمين كما قرر د علي جمعة نفسه في كلامه السابق. فالقائل بهذا القول الشاذ هم الجهمية: القائلون بفناء النار وفناء الجنة أيضاً، وقد حكى الإمام أحمد في آخر كتاب (الرد على الزنادقة)([2]) مذهب الجهمية بأن النار والجنة تفنيان، ورد عليهم ذاكراً النصوص الدالة على عدم فنائهما. ونسب ابن جرير الطبري هذا القول لليهود وأورد أثرا لابن عباس رضي الله عنه في ذلك: ([3]) كذلك فقد ورد هذا القول أيضا عن ابن تيمية وتابعه في ذلك تلميذه ابن القيم؛ وهو مخالف لما عليه جماهير أهل السنة؛ على أن هذا القول قد ورد عن ابن تيمية وتلميذه ما يبطل هذا القول ويوافق قول جماهير المسلمين([4]) ؛ ولذا رجح بعض المحققين كون ذلك القول قد تسرب لابن تيمية من قراءته في أول أمره لابن عربي قبل أن يتبين له أمره ؛ فلعله مما التاث به قبل أن يتبين له ضلاله ثم عاد إلى ما يوافق جمهور أهل السنة. وسنعود إن شاء الله لإبطال هذا القول وذكر ردود العلماء عليه سواء صح رجوع الإمامين ابن تيمية وابن القيم عن هذا القول أم لا. وقد رد الإمام أحمد – رحمه الله – على الجهمية والزنادقة في هذا الأمر بأدلة قوية.([5]) وللمقال بقية فليتبع إن شاء الله على موقع تفسير د عبد الحميد هنداوي.       ([1]) قول ابن عربي إمام الحلولية الاتحادية : زعم أن أهلها يعذبون فيها مدة، ثم تنقلب طبائعهم نارية يتلذذون بالنار لموافقتها لطبائعهم، قال ابن حجر في الفتح:  "وهذا قول بعض من ينسب إلى التصوف من الزنادقة." ([2]) الرد على الجهمية والزنادقة - أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (المتوفى: 241هـ) - المحقق: صبري بن سلامة شاهين - الناشر: دار الثبات للنشر والتوزيع (ص: 168) فزعموا أن الله هو قبل الخلق، فصدقوا، وقالوا: يكون الآخر بعد الخلق، فلا يبقى شيء ولا أرض ولا جنة ولا نار ولا ثواب ولا عقاب ولا عرش ولا كرسي. وزعموا أن شيئًا مع الله لا يكون، هو الآخر كما كان، فأضلوا بهذا بشرًا كثيرًا . قال محققه: قال الآجري في كتاب الشريعة "1101/3-1103": ومما يحتج به الحلولية مما يلبسون به على من لا علم معه قول الله عز وجل: {هوَ الأَوَّلُ والآَخِرُ والظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} [الحديد: 3] وقد فسر أهل العلم هذه الآية: هو الأول: قبل كل شيء من حياة وموت. والآخر: بعد الخلق. وهو الظاهر: فوق كل شيء، يعني السموات. وهو الباطن: دون كل شيء، يعلم ما تحت الأرضين، ودل على هذا آخر الآية: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} . كذا فسره مقاتل بن حيان ومقاتل بن سليمان، وبينت ذلك السنة. حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن شاهين قال: حدثنا يوسف بن موسى القطان، قال: حدثنا جرير عن مطرف عن الشعبي عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "اللهم أنت الأول، فليس قبلك شيء، وأنت الآخر، فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن، فليس دونك شيء". قال محشيه: إسناده حسن. قلت: (هنداوي) هذا تفسير جميل ورائع لمعنى الآخر ؛ وهو أن الله ليس بعده شيء ؛ لكن الخلق - بما فيهم أهل الجنة والنار والملائكة – لا يزال الله يخلق بعدهم ما يشاء فلا يكونون هم الآخر؛ بل يأتي بعدهم من خلق الله ما يشاء ؛ أما الله تعالى فلا يأتي بعده شيء أبدا لأنه لا خالق غيره. ([3])نقل ابن جرير في تفسيره عن ابن عباس أنه قال في تفسير آية البقرة:  "قال أعداء الله اليهود: لن يدخلنا الله النار إلا تحلة القسم، الأيام التي أصبنا فيها العجل: أربعين يوما، فإذا انقضت عنا تلك الأيام، انقطع عنا العذاب." وذكر ابن جرير عن السدي قوله: "قالت اليهود: إن الله يدخلنا النار أربعين ليلة، حتى إذا أكلت النار خطايانا، نادى مناد: أخرجوا كل مختون من ولد بني إسرائيل، فلذلك أمرنا أن نختن، قالوا: فلا يدعون منا في النار أحداً إلا أخرجوه" وذكر أيضاً ابن عباس قال:  "ذكر أن اليهود وجدوا في التوراة مكتوباً: إن ما بين طرفي جهنم مسيرة أربعين سنة إلى أن ينتهي إلى شجرة الزقوم ثابتة في أصل الجحيم، وكان ابن عباس يقول: إن الجحيم سقر، وفيها شجرة الزقوم، فزعم أعداء الله أنه خلا العدد الذي وجدوا في كتابهم أياماً معدودة." قال ابن جرير:  وإنما يعني بذلك يعني بذلك المسير الذي ينتهي في أصل الجحيم، فقالوا: إذا خلا العدد انتهى الأجل، فلا عذاب وتذهب جهنم وتهلك، فذلك قوله: {لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ} [البقرة:٨٠] يعنون بذلك الأجل، فقال ابن عباس: "لما اقتحموا من باب جهنم ساروا في العذاب، حتى انتهوا إلى شجرة الزقوم آخر يوم من الأيام المعدودة، قال لهم خزان سقر: زعمتم أنكم لن تمسكم النار إلا أياماً معدودة، فقد خلا العدد، وأنتم في الأبد، فأخذ بهم في الصعود في جهنم يرهقون."   ([4]) فقد ورد في مجموع الفتاوى (18/ 307): وَسُئِلَ: عَنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {سَبْعَةٌ لَا تَمُوتُ وَلَا تَفْنَى وَلَا تَذُوقُ الْفَنَاءَ: النَّارُ وَسُكَّانُهَا وَاللَّوْحُ وَالْقَلَمُ وَالْكُرْسِيُّ وَالْعَرْشُ} فَهَلْ هَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ . فَأَجَابَ: هَذَا الْخَبَرُ بِهَذَا اللَّفْظِ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ. وَقَدْ اتَّفَقَ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا وَسَائِرُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَلَى أَنَّ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ مَا لَا يَعْدَمُ وَلَا يَفْنَى بِالْكُلِّيَّةِ كَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَالْعَرْشِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَلَمْ يَقُلْ بِفَنَاءِ جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ إلَّا طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ الْمُبْتَدِعِينَ كَالْجَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ وَهَذَا قَوْلٌ بَاطِلٌ يُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ رَسُولِهِ وَإِجْمَاعَ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا. كَمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الدَّلَالَةِ عَلَى بَقَاءِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِهَا وَبَقَاءِ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا تَتَّسِعُ هَذِهِ الْوَرَقَةُ لِذِكْرِهِ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ والمتفلسفة عَلَى امْتِنَاعِ فَنَاءِ جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ بِأَدِلَّةِ عَقْلِيَّةٍ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فكيف يقول بهذا القول ؛ وقد نسبه هو نفسه للجهمية والمبتدعة؟؟ كذلك فقد ورد عن ابن القيم نحو هذا في الوابل الصيب ، وسوف نعود لبيان ذلك تفصيلا – إن شاء الله. ([5]) فقد ورد في الرد على الجهمية والزنادقة (ص: 168- 170) "بيان ما تأولت الجهمية من قول الله:{هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ} فزعموا أن الله هو قبل الخلق، فصدقوا، وقالوا: يكون الآخر بعد الخلق، فلا يبقى شيء ولا أرض ولا جنة ولا نار ولا ثواب ولا عقاب ولا عرش ولا كرسي. وزعموا أن شيئًا مع الله لا يكون، هو الآخر كما كان، فأضلوا بهذا بشرًا كثيرًا. وقلنا: أخبرنا الله عن الجنة ودوام أهلها فيها، فقال: {لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ} [التوبة: 21] . فإذا قال جل وجهه: {مُقِيمٌ} وقال: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [النساء: 57] وقال: {أُكُلُهَا دَائِمٌ} [الرعد: 35] ، فإذا قال الله: {دَائِمٌ} لا ينقطع أبدًا. وقال: {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحجر: 48] وقال: {وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} [غافر: 39] . وقال: {وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: 64] . وقال: {مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا} [الكهف: 3] ، وقال: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [آل عمران: 107] . وقال: {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ، لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ} [الواقعة: 32، 33] . ومثله في القرآن كثير. وذكر أهل النار فقال: {لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} [فاطر: 36] . وقال: {أُوْلَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي} [العنكبوت: 23] . وقال: {لا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ} [الأعراف: 49] . وقال: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف: 77] . وقال: {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ} [إبراهيم: 21] . وقال: {خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 6] . وقال: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} [النساء: 56] . وقال: {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا} [السجدة: 22] . وقال: {إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُوصَدَةٌ} [الهمزة: 8] . ومثله في القرآن كثير. وأما السماء والأرض فقد بادتا؛ لأن أهلها صاروا إلى الجنة والنار. وأما العرش فلا يبيد ولا يذهب؛ لأنه سقف الجنة والله عليه فلا يهلك ولا يبيد. وأما قوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} [القصص: 88] . وذلك أن الله أنزل: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن: 26] . قالت الملائكة: هلك أهل الأرض وطمعوا في البقاء، فأنزل الله آية يخبر عن أهل السموات وأهل الأرض أنهم يموتون، فقال: {كُلُّ شَيْءٍ} من الحيوان {هَالِكٌ} يعني ميت {إِلاَّ وَجْهَهُ} أنه حي لا يموت، فأيقنوا عند ذلك بالموت.