3 May، 2024 المساكنة (زنا التعايش) وإشاعة الفاحشة ! لماذا يناقش التلفزيون المصري هذا الموضوع . أ.د عبد الحميد هنداوي

المساكنة (زنا التعايش) وإشاعة الفاحشة ! لماذا يناقش التلفزيون المصري هذا الموضوع أولا: المساكنة باختصار هي الزنا بعينه ؛ فهي التعايش بين رجل وامرأة تعايش الزوجين دون زواج شرعي؛ إما بهدف اختبار الصلاحية للزواج أو مع عدم وجود نية الزواج أصلا؛ فهي نظام لتقنين العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة دون قيود الشرع أو القانون اللذين يحفظان حقوق المرأة وحقوق الأطفال؛ أما المساكنة المزعومة فهي لا يعترف معها بأي حق للمرأة ولا الأطفال بقيت المساكنة أم انقضت بالانفصال. ثانيا: عرضت شاشات التلفزيون المصري عدة حلقات تناقش هذا الموضوع، واستضاف خيري رمضان في برنامجه على القاهرة والناس عددا من الضيوف لتحليل الموضوع بكل أبعاده بعيدا عن نظرة الدين بحجة أنها معروفة، وممن استضافه المحامي عمرو صلاح الذي يؤيد المساكنة وراح يذكر محاسنها وتجارب أصدقائه فيها، وتجارب الغرب في المساكنة ، وكيف أن الناس بسببها يعيشون في سعادة ورومانسية على حد زعمه.   لا أدري هل هذا الموضوع يقع في أولويات المجتمع المصري الآن أم أن هناك أولويات كثيرة هي أحوج منه إلى النقاش؟ ثالثا: إذا كان المجتمع كله مسلمين أو أهل دين كتابي آخر- إلا شرذمة شاذة لا وزن لها – يعتبر المساكنة زنا محرما في دين الله تعالى فلماذا يناقش هذا الموضوع؟ رابعا: قد يقال إنه يناقش لأجل هذه الشرذمة التي لا تلتزم بدين الله وشرائعه.. وهذا كلام غير مقنع لأنه ليس لأجل شرذمة لا تساوي واحد بالمائة من المجتمع يتم إضلال 99% من المجتمع بإثارة أفكر مضادة للدين وتطرح للنقاش لا لبيان فسادها ؛ بل لكي نسمع حثالة الناس يعرضون تجاربهم في ممارسة زنا التعايش المسمى بالمساكنة ، طبعا مع وجود آراء محترمة رافضة ؛ لكن مع المصادرة على حكم الدين وعدم تفصيله بحجة أن الناس جميعا يعرفونه؛ وكأن المسألة مجرد معرفة بالجانب الديني وينبغي الإحاطة بالآراء الأخرى الفلسفية والاجتماعية ثم يقارن الناس ويختارون، فليس الأمر كما بينه الله تعالى حيث قال:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب: 36] خامسا: وقد يقال إن الموضوع قد انتشر إلى حد ما ونريد أن نحذر الشباب من عواقبه الوخيمة... وهذا كلام قد يبدو مقنعا ...لكن في الحقيقة طرح الموضوع في وسائل الإعلام لم يكن بهذه الصورة ! فهو يعرض بطريقة شبه حيادية مع تهميش الحكم الشرعي بحجة علم الناس به ؛ مع أن الأمر يحتاج إلى العكس ..أي : إلى تكثيف جانب الوازع الديني ؛ فهو الضمانة الوحيدة ..وإلا فلا ضمانة حقيقية لمنع الشباب من إقدامهم على أمر يحصلون فيه رغباتهم دون تبعات تذكر.. خاصة الرجال ... أما المرأة فهي غالبا الخاسرة ، وسوف تبوء بخسائر جسيمة ...فهذه العلاقة مصيرها غالبا الفشل ؛ نظرا للغريزة الفطرية لدى الرجل في الميل إلى التعدد ، وليس هناك ما يربطه بهذه المرأة التي ساكنها ثم ملَّ العيش معها؛ فبمجرد عثوره على أخرى ترضى بتلك المساكنة فسوف يترك الأولى لتذهب لمساكنة جديدة إن رضي أحد أن يساكنها بعد عشرة محرمة مع رجل سابق خاصة إذا كانت في مجتمعاتنا الإسلامية أو الشرقية عموما، وإذا لم تجد من يساكنها فليس أمامها إلا ممارسة الفاحشة بغير مساكنة باحتراف البغاء والدعارة أو مجانا بغير احتراف ولا مقابل حتى تلبي حاجاتها الجنسية البيولوجية. سادسا: إن طرح هذه الموضوعات بهذه الصورة يؤجج الفكرة في نفوس الضعفاء الذين يئسوا من مجرد الحلم بالزواج الشرعي في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة؛ ومن ثم فطره هذه الأفكار ضرب من إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا ؛ قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النور: 19] سابعا: سوف يتزايد طرح هذه الفكرة على مرور الأيام ، وكما رأينا في هذا الطرح من يؤيدها كفكرة بعيدا عن حكم الدين ؛ سنجد من يخرج علينا ليبين أن الدين لا يحرمها ، وسوف يسمونها اسما آخر غير الزنا ، ويظنون أنهم حينما سموها المساكنة ، أو حينما سماها الهالك محمد شحرور ملك اليمين فقد حلوا معضلة تحريم الزنا. ثامنا: الحل الأمثل لمحاربة هذه الظاهرة التي يصدرها الغرب لنا من خلال إعلامنا المضلِّل أو المضلَّل كلاهما صحيح باسم الفاعل أو اسم المفعول – أقول الحل الأمثل هو التأكيد على النصوص الشرعية المحرمة خلوة الرجل بالمرأة على عمومها وإعادة تذكير الناس بها ، وعدم الاتكال على أن الناس يعرفونها ؛ لأننا صرنا في زمان صار الناس فيه يجهلون أبجديات هذا الدين وضرورياته، ولا مانع بعد ذلك من بيان حكمة تحريم هذا الأمر بعد بيان نصوصه الشرعية ببيان المفاسد الكبرى المترتبة على فعله ؛ مع بيان أننا لو افترضنا أن هذا الأمر خال من أي مفسدة فهو محرم لا يجوز للمسلم فعله لأن الله قد نهاه عنه، وما دام قد نهى الله عنه فهو ضار بلا شك ولا خير فيه ، وعلى المسلم أن يسلم لله في حكمة تحريمه عرفها أم لم يعرفها عبودية لله تعالى وتسليما لحكمته التامة ، {والله يعلم وأنتم لا تعلمون} تاسعا: حرم القرآن هذه القضية بعينها بنص قاطع ، وسمى هذا الأمر سفاحا أي زنا ، وسماه مخادنة ؛ فقال تعالى: {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} [المائدة: 5] وقال تعالى: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} [النساء: 25] كما حرم الزنا بكل صوره بالنصوص القطعية، وتوعد عليه بأشد العذاب ؛ فقال تعالى: {وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} [الفرقان: 68، 69] ؛ بل حرم الاقتراب من الزنا ؛ فقال تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: 32] فحرم مجرد مقاربة الزنا؛ ولم يقل :{لا تزنوا} والمقاربة تكون بفعل ما يقرب من الزنا مثل مقدماته من التعرِّي والتبرج والسفور والنظر واللمس؛ فقال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [النور: 30، 31] وقال تعالى:{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33]