2 May، 2024 سر مخالفة المتفق عليه- الهجمة الشرسة على الإسلام في هذه الأيام. أ.د عبد الحميد هنداوي

سر مخالفة المتفق عليه الهجمة الشرسة على الإسلام في هذه الأيام. أ.د عبد الحميد هنداوي مهاجمون لثوابت الإسلام : محمد شحرور - علي منصور الكيالي - محمد الفايد - عدنان رضا - محمد هداية - أحمد عبده ماهر يشغلني الرد على أولئك الذين يعملون الآن على محاولة زعزعة الأحكام الشرعية الثابتة لدى الناس ؛ مثل حرمة الربا وحرمة الزنا وحرمة التبرج والسفور والخمور، وثبوت الحدود الواجبة للسرقة والقتل والزنا وقطع الطريق(الحرابة) وغير ذلك، وهؤلاء أمثال: محمد شحرور - علي منصور الكيالي - محمد الفايد - عدنان رضا - محمد هداية - أحمد عبده ماهر بل وصل الأمر إلى العبث بأركان الإسلام الخمسة ؛ بدءا من التوحيد وانتهاء بالحج؛ فظهر من يجعل الشهادة بالرسالة لمحمد صلى الله عليه وسلم غير واجبة ولا لازمة لصحة الإسلام. وظهر من يدعي أن الصلوات ليست خمسا وإنما هي صلاتان فقط ، وغيره يجعلها ثلاثة؛ بل إن هؤلاء يسمون هذه الصلاة التي يصلِّيها المسلمون بالصلاة الحركية ويرون أنها غير لازمة ولا متعينة، وأن الصلاة غير منحصرة فيها؛ ويذهبون إلى المعنى اللغوي للصلاة ؛ فالصلاة عندهم هي الدعاء والاستغفار وذكر الله والعمل بطاعته أيا كانت تلك الطاعة صدقة أو صلة أو علم أو غير ذلك. ومثل هذه الطعون تجدها في الصيام ، وفي الزكاة والحج ....وهلم جرًّا. بل إن الأمر قد وصل إلى إنكار ثوابت العقيدة كالشفاعة وعذاب القبر والميزان والصراط وحسية الجنة وما فيها من حور عين وأنهار من لبن وعسل وخمر وغير ذلك فيفسرون ذلك كله تفسيرات مجازية. فيا ترى ما السر في إنكار ذلك كلِّه؟ بالطبع لا أسأل عن الأسباب والدوافع السياسية والعدائية المحركة لهؤلاء ، ولا من يقف وراءهم ويدفعهم لذلك ويدفع لهم ويوصلهم إلى أرقى المنابر الإعلامية ويروج أحاديثهم ، ويعيد نشر أكفان من مات منهم ، ويشيع ويذيع تراثهم ، ويعظمهم ويمجدهم ويظهرهم في صورة الأنبياء الذين يوحى إليهم ؛ بله المجددين لهذا الدين، وفي الوقت نفسه يصف مخالفيهم - وهم الأمة قاطبة - بالتخلف والرجعية والتراثية واتباع الآباء والمشايخ ...بل تعدّى الأمر إلى نعتنا بالمشركين الذين يتخذون مع الله آلهة أخرى؛ فيصفوننا بأننا نعبد البخاري من دون الله ، أو يصفنا بعضهم بأننا نتخذ الرسول إلها مع الله ؛ لأننا نعتقد أن له حق التشريع ، وأن سنته تحل الحلال وتحرم الحرام مثل القرآن. بالطبع ؛ لا أسأل عن دوافع هؤلاء ولا من وراءهم يحركهم كالدمى ، أو ينفذون أغراضه عن علم أو جهل. إنما أحاول أن ألتمس لهؤلاء القوم(أمثال: محمد شحرور - علي منصور الكيالي - محمد الفايد - عدنان رضا - محمد هداية - أحمد عبده ماهر) أي عذر أو مبرر حقيقي يدعوهم لذلك غير أن يكونوا مأجورين أو شياطين مضلين يبغون إغواء الناس وإضلالهم. وأنا حيث أفعل ذلك إنما أفعله منطلقا من أمرين مهمين: الأول : ضرورة التوصيف الصحيح للمسألة حتى لا أخطئ في الحكم عليها. الثاني : التجرد والإنصاف وإعذار الناس بعد توصيف أمرهم توصيفا صحيحا؛ وذلك أن كل حكم عليهم بصفة سيترتب عليه ما بعده؛ فتوصيفهم بأنهم جهال يهرفون بما لا يعرفون يحتاجون من يعلمهم، غير وصفهم بأنهم جهال معاندون يركبون الأحموقة ولا يريدون هداية ولا رشادا. وهذا كله غير وصفهم بأنهم غاوون، متبعون للشهوات، ضالون مضلون لغيرهم ، معاندون لأهل الحق، ولسان حالهم يقول: {أخرجوا آل لوط...} وهذا الوصف يختلف عن وصفهم بأنهم مأجورون لغواية الناس وإضلالهم وإلقاء الشبه عليهم لفتنتهم. فالمقصد إذن أن نفرق بين كونهم على حال من هذه الأحوال وبين كونهم أصحاب شبهات ألبست عليهم دينهم ، وتمكنت من عقولهم ؛ ومن ثم ظنوا أنفسهم على الحق فراحوا ينافحون عنه محتسبين في ذلك شأنهم شأن فرق الضلال التي حذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلَّم. وهل يجب علينا أن نرفق بهؤلاء القوم ، ونعذرهم وهم يهدمون ديننا لأجل إحسان الظن بهم أنهم متأولون للقرآن؟ وهل العيب في نصوص القرآن بأن بعضها غير محكمة ولا واضحة لهم؛ أم أن العيب فيهم هم لجهلهم أو لرغبتهم في إشاعة الفتنة بتأويل القرآن عن ظاهره لإضلال المسلمين؟ وهل للقرآن معان ثابتة قطعية محكمة لا يجوز نقضها؛ أم أنه مفتوح الدلالة على مصراعيه يحق لكل من هبَّ ودبَّ أن يفهم منه ما يشاء ، ولو تعددت الأفهام بتعدد أهواء البشر؟؟ ثم أريد أن أبحث عن دواعي هذا الخروج على الثابت المجمع عليه عند سلف الأمة وخلفها؟ بمعنى ما هي دواعي تأويل النصوص الثابتة الدالة على تلك الأحكام والتي اجتمعت أفهام الأمة سلفها وخلفها على الأحكام التي اجتمعت الأمة عليها منها. ولذلك سوف أتطرق لبحث موجبات التأويل ؛ فنبحث: ما هو التأويل؟ وما هي موجباته؟ وفي أي شيء يكون؟ في المحكم أم المتشابه؟ وإذا كانت أفهام السلف قد اجتمعت على فهم تلك الأحكام من تلك النصوص... أفلا يسعنا ما وسعهم؟ أم يقال إن الحياة قد جدَّت بها أمور جديدة ومستحدثات عديدة تجعل هذه الأحكام التي ارتضيها السلف غير مناسبة لنا؛ ومن ثم إما أن نقول إن الله تعالى لم ينزل لواقعنا هذا ما يناسبه؛ وإما أن نعيد فهم هذه النصوص لتتوافق مع واقعنا الذي نعيشه وتتواءم معه. وهذه الجملة الأخيرة هي أعظم شبهات القوم ، وهي ما سوف ننشغل بالرد عليه وتفصيل الكلام في بطلانه. فنقول – بعد حمد الله تعالى – إن كثيرا من الأحكام التي فهمها السلف من كتاب الله تعالى وسنة رسوله وارتضوها للعمل بها لا يزال يعمل بها إلى الآن كثير من المسلمين ؛ بل يعمل بها الغالبية العظمى منهم ؛ من ارتضوا الالتزام بالكتاب والسنة وهدي السلف الصالح، ولم يجدوا إشكالا ولا غضاضة ولا حرجا كبيرا في العمل بها برغم الواقع المعاند لتلك الأحكام ؛ بل ينافحون لأجل الالتزام بها ويجدون سعادة عيشهم في الحفاظ عليها ، ويؤجرهم الله تعالى ويسعدهم ويبارك لهم في عيشهم جزاء ما تحملوا من عنت في سبيل الالتزام بأحكام دينه في واقع لا يرضاها ولا يرغب في العمل بها. فإذا قلتم : ها أنتم قد اعترفتم أنكم تلقون المشقة والعنت لأجل تطبيق تلك الأحكام فمن ثم وجب تغييرها لتتفق مع الواقع الجديد. قلنا لكم : هذا هو بيت القصيد ! ... قد وصلنا إليه. وهو أننا قد وقفنا بذلك على دواعي تأويل نصوص الشرع الحنيف لديكم. وهذه الدواعي ترجع إلى التالي:

  • أن تكون هذه الأحكام قد أصبحت غير موافقة لهوى الناس، وغير محققة لرغباتهم وشهواتهم؛ فوجب تأويل نصوصها للإتيان بما يوافق أهواء الناس ورغباتهم.
  • أن يجد المسلم صعوبة في الالتزام بتلك الأحكام في بيئة لا تقر بالإسلام ولا ترضى به ؛ بل تعاديه وتناوئه؛ فوجب تأويل النصوص لتغير الأحكام إلى ما لا مشقة فيه.
  • أن يزعم زاعم بأن هذه الأحكام لم تعد صالحة للعصر الذي نعيشه : عصر التقدم والحضارة المادية وثورة التكنولوجيا والصناعات والبرمجيات ...إلخ ؛ لذا فقد وجب تأويلها وتغييرها بما يوافق روح العصر الحديث.
  • وبقي أن يزعم زاعم آخر أن سبب الرغبة في تأويل تلك النصوص أنها متعارضة مع غيرها من النصوص فوجب تأويلها.
  • غير أن ما يصرح به القوم في بيان دواعيهم هو أنهم يقولون إن الأمة من لدن زمان تدوين الحديث النبوي إلى يومنا هذا ؛ قد نقلت مركزية الدين من القرآن إلى السنة، وإلى الأئمة والشيوخ والعلماء وأصحاب المذاهب الفقهية ؛ وهذا أدى إلى تغيير الدين ؛ لأنهم يرون أنهم غير ملزمين بشيء غير القرآن ، وأن السنة قد أدخلت في الدين ما لا يلزمنا ؛ فما أفتى به النبي صلى الله عليه وسلم خاص بزمانه لا يتعداه ؛ لذا فقد لزم إعادة نقل مركزية الدين إلى القرآن مرة أخرى ، ولسنا ملزمين فيه بفهم أحد من السلف أو العلماء السابقين لأن أفهامهم متأثرة بالسنة - وهي لا تلزمنا – بحسب زعمهم – فوجب الاعتماد على القرآن وحده بفهم عصري يناسب واقعنا الذي نعيشه ويتناسب مع عالمية القرآن بمعنى يناسب جميع الناس في كافة ربوع الأرض على اختلاف عاداتهم وتقاليدهم وثقافاتهم وحضاراتهم فيجب أن يكون مناسبا للأمريكي كما يناسب الروسي كما يناسب الهندي والمصري والياباني...إلخ
وذلك بمعنى أن تطوع نصوص القرآن لموافقة حياة الناس في تلك البيئات المختلفة كلها. ولكل واحد من هذه الدعاوى جوابه: فجواب الأول وهو أن الداعي عدم موافقة الهوى ؛ فهذا داع باطل خلاف الشرع ؛ بل إن الشرع قد جاء بمخالفة الهوى ومقاومته ، وحمل النفس على أحكام الشريعة طاعة لله تعالى. وأما الداعي الثاني: وهو ما يلاقيه المسلم من صعوبة في التزام تلك الأحكام في واقع مخالف لها؛ فيجاب عنه بأن الصعوبة نوعان:
  • صعوبة لا ينفك منها المسلم في حياته في الالتزام بدينه ؛ لكنها لا تأتي على حياته ، ولا توقعه في ضيق أو حرج شديد ؛ مثل هذه الصعوبة عليه أن يتحملها ويجاهد لأجل التزام دينه برغمها وينال من الله أعظم الثواب على لك.
  • صعوبة تصل إلى حالة الضرر والحرج الشديد ؛ ففي مثلها قال الله تعالى:{وما جعل عليكم في الدين من حرج}
فحينئذ يتسع الأمر فيعمل بقوله تعالى{ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} وقوله تعالى{ لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها} وقوله تعالى {فاتقوا الله ما استطعتم} ونحو ذلك فمن ذلك أن الله أباح له في حالة الضرورة أكل الميتة والدم ولحم الخنزير وكلها محرمات في غير الضرورة. 3- أما القائلون بالحالة الثالثة وهي أن الداعي للتأويل هو عدم مناسبة تلك الأحكام للعصر الحديث فيرد عليهم بما يلي:
  • أن تصور عدم مناسبة أحكام الإسلام للعصر الحديث ناتج إما عن توهم عند كثير من الناس ؛ لمخالفة أحكام الناس لرغباتهم.
  • وإما لمخالفة الأنظمة العالمية أصلا لشريعة الله ، وشرع الله منظومة متكاملة ؛ فإذا وجد خلل في بعض نظم الحياة لم تعمل بقية النظم الإسلامية بسلاسة وسهولة لأنها مرتبطة بغيرها من النظم المتقيدة بأنظمة مخالفة؛ ومثل هذا يورث إما :
  • صعوبة ؛ وقد أجبنا على كيفية التزام الأحكام مع الصعوبات التي نواجهها ، وفصلنا الكلام فيما يصل منها إلى حالة الضيق المحتمل ، وما يصل إلى حالة الضرورة والحرج الشديد
  • ادعاء وجود تعارض في النصوص يقتضي التأويل، وهذا باطل، وقد مرت قرون على الأمة نظروا في كتاب الله تعالى وسنة نبيه فلم يجدوا تعارضا في النصوص التي دلت على تلك الأحكام الثوابت ، وما أوهم التعارض في بعض النصوص فقد اهتدوا إلى تأويله بالفهم الذي اتفقت الأمة عليه ولم يأت داع لنقضه.
فضلا عن أن نصوص القرآن التي دلت على تلك الأحكام هي ثابتة وقطعية وظاهرة لمن له أدنى نظر في كتاب الله ، والقوم يدعون أنهم أهل تنوير وذوو بصر ؛ فتبين لنا أنهم أتوا – لا من جهة ظلمات في كتاب الله – وإنما أتوا من جهة إما ظلمة شبهات في نفوسهم أو ظلمة شهوات وأطماع لنيل عرض من الدنيا رخيص قد رضوا به واشتروا بآيات الله ثمنا قليلا.
  • أما ادعاء تخطئة الصحابة في إعمالهم السنة مصدرا للتشريع فهذا هو ما لا يمكن أن يقبل من أحد؛ إذ كيف يتصور أن يترك الصحابة قول وفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لاجتهادهم هم ؛ وكيف يقدمون أنفسهم عليه؛ وقد كان حبه والإيمان به نبيا ورسولا ومعلما وقائدا يملأ قلوبهم ؛ بحيث يفتدونه بنفوسهم وبكل غال ونفيس.
  • وأما ادعاء أن اجتهاده صلى الله عليه وسلم ملزم لأهل زمانه دون من بعدهم فهذا تحكم بغير دليل ، وادعاء بغير برهان لإبطال العمل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وكفران بالقرآن الذي أمر باتباع النبي صلى الله عليه وسلم
  • ولنا إن شاء الله بعد ذلك ردود مفصلة على كل واحد من هؤلاء :محمد شحرور - علي منصور الكيالي - محمد الفايد - عدنان رضا - محمد هداية - أحمد عبده ماهر