27 April، 2024 بروتوكولات صهيون الأمريكية المعاصرة

هل تحققت بروتوكولات صهيون الأمريكية

نشرت مقالا منذ 18 ثمانية عشر عاما بعنوان:

بروتوكولات صهيون في تطبيقاتها الأمريكية المعاصرة

وقدرا وقع في يدي هذه الأيام هذا المقال ، وهو يشتمل على استراتيجية أمريكية تتضمن عددا محددا من البروتوكولات التي يرسم بها الأمريكان رؤيتهم واستراتيجيتهم في ترويض الإسلام الأصولي؛ فرأيت أن أعيد نشره للقراء اليوم في افتتاحية هذا الموقع لأسأل القارئ هذا السؤال:

ترى : إلى أي مدى استطاع الأمريكان أن ينجزوا هذه الرؤية والاستراتيجية التي خططوا لها في ذلك الوقت لترويض الإسلام الأصولي ليصير حملا وديعا يمتثل ما يريدونه له من الميوعة والرعونة؟

وهل أنجز المسلمون خطة مضادة لهذه الاستراتيجية أم سارعوا لامتثال إشارات أسيادهم من الأمريكان إرضاء لهم ليأمنوا غدرهم وشرهم بزعمهم.

فهاكم التقرير السابق دونكم، وفي انتظار آرائكم وردود أفعالكم.

بروتوكولات صهيون في تطبيقاتها الأمريكية المعاصرة

كتب في مايو 2004م

اطلعت على تقرير([1]) كتبه شيريل بينارد من قسم بحوث الأمن القومي في مؤسسة راند الأمريكية([2])، يتناول الشئون الاستراتيجية والأمنية، الأمريكية والعالمية على السواء، وقد صدر هذا التقرير في 18 مارس 2004 بعنوان: "الإسلام المدني الديمقراطي: من يشارك فيه، وما مصادره واستراتيجياته؟".

وهذا التقرير يأتي ضمن سلسة أبحاث قامت وتقوم بها العديد من الجامعات ومراكز الأبحاث العلمية الأهلية والحكومية بهدف تقديم أنجع الوسائل والسبل للتصدي للإسلام السلفي أو ما يسمونه بالأصولي باعتباره حجر عثرة في طريق تحقيق الولايات المتحدة لأغراضها في العالم الإسلامي، على اختلاف وتنوع تلك الأغراض ما بين دينية صليبية حاقدة، وسياسية متغطرسة، وعسكرية مستعمرة، واقتصادية مستغلة...إلخ.

ويرى التقرير أن الولايات المتحدة لها أهداف محددة فيما يتعلق بالإسلام السياسي أهمها:

1- منع انتشار التطرف والعنف، وحين تفعل هذا تحتاج إلى تجنب ترك الانطباع بأن الولايات المتحدة تعارض الإسلام.

2- التأثير الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بما يحقق المصالح الأمريكية في المنطقة.

3- العمل على إيجاد عالم إسلامي قابل للتوافق مع الأنظمة الديمقراطية ويتبع أحكام السلوك الدولي وأعرافه.

4- العمل على منع صدام الحضارات بكل أنواعه وألوانه الممكنة –لاسيما الحضارة الإسلامية بما تحمل من أصول ومفاهيم تتصادم مع الحضارة الغربية- مما يؤدي إلى زعزعة الاستقلال واشتداد الإرهاب.

5- ومقتضى ما سبق أن يتم العمل على كافة السبل لإلغاء التصادم بين الإسلام والغرب، وذلك بالعمل على تذويب المسلمين، وتمييع عقائدهم وتصوراتهم ومفاهيمهم بما يتماشى مع الواقع الأمريكي على وجه الخصوص.

الرؤية الأمريكية للعالم الإسلامي اليوم:

ويحدد هذا التقرير معالم النظرة الأمريكية للعالم الإسلامي اليوم حيث يرد أزمة العالم الإسلامي إلى أمرين هما:

1- إخفاقه في تحقيق الازدهار.

2- فقدان اتصاله بالتيار العالمي.

ويرى أن المسلمين تختلف اتجاهاتهم إزاء ما ينبغي عمله لمواجهة هذا الوضع، ويختلفون أيضًا عما ينبغي أن يكون عليه مجتمعهم في النهاية، ويميز التقرير بين أربعة اتجاهات أساسية بين المسلمين:

1- الأصوليون:

وهم في وجهة نظره الذين يرفضون الديمقراطية والثقافة الغربية المعاصرة، ويريدون إقامة دولة دينية([3]), ويستعدون لاستخدام التجديد والتقنيات الحديثة للوصول لهذا الهدف.

2- التقليديون:

وهم على نفس النهج السابق، ولكنهم –في وجهة نظرهم- أكثر اعتدالاً، وقصارى ما يمكن أن يقال فيهم: إنهم في أحسن الأحوال يمكن أن يقيموا مع ثقافة الحداثة الغربية سلامًا متوترًا.

3- الحداثيون:

وهم الذين يريدون أن يصبح العالم الإسلامي جزءاً من الحداثة العالمية، عن طريق تحديث الإسلام وإصلاحه ليتوافق مع متطلبات العصر.

4- العلمانيون:

وهم الذين يريدون من العالم الإسلامي أن يقبل بمبدأ فصل الدين عن الدولة.

ومن الواضح أن الحداثيين والعلمانيين صناعة غربية؛ لذا يلفظهم المجتمع المسلم.

ويرى التقرير أن الإسلام الرشدي التقليدي يحتوي على عناصر ديمقراطية يمكن أن تستخدم في مواجهة إسلام الأصوليين السلطوي القمعي، لكنه لا يصلح أن يكون الوسيلة الأساسية لبناء إسلام ديمقراطي؛ لأن هذا الدور مهمة الحداثيين المسلمين، مع أن هناك عدداً من القيود يحد من فاعليتهم سوف يكشف عنها هذا التقرير.

ويقترح التقرير كذلك سبل ووسائل دعم هذه الاستراتيجية الأمريكية بعدد من الوسائل التي تعد خلاصة ما سبق، ومنها:

1- تشجيع التيارات الموالية للغرب في العالم الإسلامي، وتعزيز نشاطهم ليصبح أكثر فاعلية.

2- إدخال آراء الحداثيين في المناهج التعليمية الإسلامية، ونشر آرائهم لتنافس آراء الأصوليين والتقليديين.

3- وضع العلمانية والحداثة أمام الشباب المسلم كخيار ثقافة مضادة للجهل والتخلف.

4- بث الوعي بالثقافات غير الإسلامية كالفرعونية وغيرها، والتعريف بها في مناهج التعليم ووسائل الإعلام.

مواجهة الأصوليين ومعارضتهم:

- يدعو التقرير إلى مواجهة الأصوليين، وإشاعة الفرقة بينهم وبين التقليديين، وإذاعة نقد هؤلاء لعنف الأصوليين وتطرفهم، وتثقيف التقليديين ليكون بوسعهم مناقشة الأصوليين.

- ومن جانب أخر يوصي التقرير بتشجيع التعاون بين الحداثيين والتقليديين الذين هم أقرب إلى الطرف الحداثي، والعمل على زيادة حضور الحداثيين وتميزهم في المؤسسات التقليدية.

- بث المغالطات حول تفسير الأصوليين للإسلام، والتزيد بعواقب أعمالهم العنيفة، والبرهنة على عجزهم عن الحكم، وبث هذا الخطاب على كل المستويات.

- تجنب إظهار الاحترام أو الإعجاب بالأفعال التي يقوم بها الأصوليون، وإسقاط احترامهم، واعتبارهم جبناء وليسوا أبطالاً.

- تشجيع الاعتراف بالأصوليين عدوًّا مشتركا بين الغرب وبين القوى غير الإسلامية في العالم الإسلامي كالقوميين واليساريين.

- توجيه قدر أكبر من الانتباه إلى التصوف والعناية بالإسلام الصوفي.

نداء إلى مسلمي العالم!

وبعد يحق لنا أن نتساءل هل يختلف هذا التقرير في شيء في لهجته وعدوانيته وحقده على الإسلام والمسلمين عن تلك البروتوكولات التي سطرها الصهاينة قبل القرن الماضي.

إنها البرتوكولات في ثوبها الأمريكي المعاصر الدنس تطل علينا بهذا الوجه الكشر القبيح الذي تظهر عليه ملامح الغضب والحقد والتغيظ على الإسلام وأهله.

وبعد؛ فإن الأمر لا يحتاج إلى كثرة كلام ولا إلى مزيد تعليق، فالكلام واضح ومفهوم لا يلتبس على أحد في قراءته وفهمه على أنه خطة لتذويب المسلمين وترويض ما تبقى من أسودهم الضعيفة، وتسييس شعوبهم، والعمل على هدم جميع الأصول العقدية والمفاهيم الإسلامية الصحيحة أو العمل على تمييعها بما لا يتعارض مع المصالح والسياسة الأمريكية.

إنها خطة لا تقتصر على استهداف جيلنا المعاصر بل تخطط لاستهداف أبنائنا وأجيال المسلمين القادمة بعد أن أصابهم اليأس من ترويض الليوث المعاصرة، والجنود الساهرة من حماة الإسلام وحراس العقيدة.

وبعد: فهذا نداء من منبر التوحيد إلى مسلمي العالم في كل مكان أقول لهم: يا مسلمي العالم اتحدوا لمواجهة هذا الخطر الداهم، ولا حيلة لكم سوى أن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تتفرقوا وأن تجتمعوا حول كتاب ربكم وسنة نبيكم وهدي سلفكم ففي هذا كله العصمة من الهلاك، قال تعالى: ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾[آل عمران: 120]، فالصبر على المنهج وملازمةُ التقوى هي خير سبيل للنجاة والفلاح، ولا تتحقق التقوى إلا بترك طاعة هؤلاء والحذر من اتباعهم في قليل أو كثير، قال تعالى: ﴿يأيها الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ﴾[آل عمران: 100]، ويقول أيضا: ﴿يأيها الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (149) بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ﴾[آل عمران: 149،150]، ويقول رسول الله r: "تركت فيكم شيئين، لن تضلوا بعدهما: كتاب الله، وسنتي"([4]).

وبعد: فهذه خطة أعداء الإسلام لإبادة وتذويب المسلمين، فهل أعد المسلمون خطة مماثلة لمواجهة هذا الخطر الداهم؟! انتهى.

الجديد: اليوم:

 أم سارعوا لامتثال إشارات أعدائهم لإفسادهم وإهلاكهم؟

([1]) اطلعت على هذا التقرير في المقال المنشور في افتتاحية صحيفة دار العلوم عدد (22) ذو القعدة 1425ﻫ، ديسمبر 2004م للدكتور الطاهر أحمد مكي بعنوان: (الولايات المتحدة الأمريكية والإسلام).

([2]) هي مؤسسة ذات صلة قوية بوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، وبالمؤسسات العسكرية عامة، والسلاح الجوي من بينها خاصة.

([3]) هذا المفهوم نرفضه، لأن الإسلام دين شامل، جاء ليعالج جميع مناحي الحياة، وإنما الدولة الدينية صناعة غربية، وما دولة الفاتيكان منا ببعيد.

([4]) أخرجه الحاكم من طريق أبي هريرة –رضي الله عنه, راجع الصحيحة (1761).