مقدمة كتابي الإعجاز المعجمي . والكتاب في دار البشير في معرض القاهرة. أ.د عبد الحميد هنداوي
الإعجاز المعجمي في القرآن الكريم
أنماطه ونماذجه البلاغية
أ.د/ عبد الحميد هنداوي
أستاذ ورئيس قسم البلاغة والنقد الأدبي والأدب المقارن
كلية دار العلوم – جامعة القاهرة
بسم الله الرحمن الرحيم {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [لقمان: 27] {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ} [التوبة: 6] بسم الله الرحمن الرحيم مقدمات مهمة أحمد الله تعالى أن شغلنا بكلامه عن كلام خلقه، وأصلي وأسلم على خير خلقه ورسله. وبعد؛ فهذه مقدمات مهمة أقدم بها بين يدي هذا الكتاب: المقدمة الأولى: القرآن كلام الله المتميز بخصائصه عن كلام خلقه: القرآن هو كلام الله وكلماته التي أنزلها على رسوله نورا وهدى للناس: قال تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 75] وقال تعالى:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ} [التوبة: 6] وقال تعالى:{سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ } [الفتح: 15] وكلام الله في كل ذلك إنما المراد به قرآنه الذي أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم وإذا كان هذا القرآن كلام الله فلا بد أن يكون هذا الكلام متميزا عن كلام البشر ، وله خصائص إعجازية تخصه. فالقرآن الكريم هو "لب كلام العرب وزبدته، وواسطته وكرائمه، وعليها اعتماد الفقهاء والحكماء في أحكامهم وحكمهم، وإليه مفزع حذاق الشعراء والبلغاء في نَظمهم ونَثرهم".([1]) المقدمة الثانية: حقيقة الإعجاز المعجمي في القرآن الكريم وأهم مظاهره: من هذه الخصائص الإعجازية في القرآن الكريم ما نحن بصدده من الحديث عن الإعجاز المعجمي في القرآن الكريم الذي يعنى بمعجم القرآن وكلماته المختارة فيه بالعناية الإلهية؛ لنقف على أهم سمات كلماته ومواده المعجمية، ألا وهو – من وجهة نظرنا ونظر كثير من المشتغلين بعلوم اللغة – ثراء معانيه واتساع دلالة كلماته ، ودقة مطابقته ومناسبته لسياقه ومقامه. ومعلوم أن كلمات القرآن إنما تدل على المعنى بدلالتها المعجمية ، ودلالتها الصرفية، وإيحاءاتها الصوتية، وقد خصصت كل واحد من هذين الجانبين بدراسة تخصه ؛ فبدأت بالإعجاز الصرفي للقرآن الكريم ، وثنيت بالإعجاز الصوتي.([2]) لذا ؛ فلن أتعرض هنا للحديث عن إيحاءات جرس الكلمة القرآنية ، ولا عن دلالة صيغها الصرفية ؛ لأني قد خصصت كلا من ذلك بدراسة تخصه. المقدمة الثالثة: اتساع دلالة الكلمة القرآنية حقيقته وأنواعه: نقصد باتساع دلالة الكلمة القرآنية كثرة معانيها وثراء دلالتها مع كون تلك الدلالات متعاضدة وليست متعارضة ؛ متآلفة وليست متخالفة؛ هذا مع دقتها وقوة مناسبتها لسياقها ومقامها. ويظهر هذا في أنواع من كلمات اللغة العربية تمثل مباحث هذا الكتاب؛ وهي:جميع الحقوق محفوظة © تفسير أ.د.عبد الحميد هنداوي