13 May، 2024 شرح الأربعين النووية. الحديث السادس . أ.د/ عبد الحميد هنداوي

الحديث السادس

"إن الحلال بين وإن الحرام بين"

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ: "إنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقْد اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَّا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ، أَلَّا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ".

رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ [رقم:52]، وَمُسْلِمٌ [رقم:1599].  

معاني الألفاظ والعبارات :

بين : واضح  ، مشتبهات : يتردد النظر فيها بين الحل والحرمة، استبرأ : طلب البراءة والسلامة لدينه وعرضه، الحِمى : ما يكون حول قصر الملك وأرضه يحميه به ، مضغة : قطعة مثل مضغة الطعام.

فوائد الحديث :

1- الأمور التي يبتلى بها الإنسان :لا تخرج عن ثلاثة :
1- حلال بين واضح
2- حرام بين واضح
3- أمور مشتبهة ملتبسة يصعب الحكم عليها بالحل أو الحرمة.
2- أنَّ المشتبه لا يعلمه كثير من الناس، وأنَّ بعضَهم يعلم حكمَه بدليله.
3- الإرشاد إلى اتقاء الأمور المشتبهات، وهي ما حصل فيه التردد بين حله وحرمته.
4- فضل العلم لأنه يقع به التفريق بين الحق والباطل والحلال والحرام.
5- أن في اجتناب الشبهات احتياطاً للدين والعرض بالسلامة من الوقوع في الحرام.
6- أن الإقدام على المشتبهات وقوع في الحرام ؛ لأن فاعله يفعله وهو يحتمل عنده التحريم ، وهو غير مبال لذلك فيأثم.
7- أن الإقدام على المشتبهات سبب للوقوع في الحرام.
8- أن من وسائل التعليم المشروعة تمثيل الحقائق وتصويرها في صورة محسوسة.
9- أن لملك الملوك سبحانه حمى، وهو ما حرَّم على عباده كالفواحش ما ظهر منها وما بطن.
10- وجوب اجتناب محارم الله.
11- وجوب اجتناب الأسباب المفضية إلى المحرمات.
12- أن مدار الصلاح والفساد في الإنسان على القلب، وسائر الجوارح تابعة له صلاحاً أو فساداً.
13- أن صلاح الباطن يستلزم صلاح الظاهر، وفساد الظاهر يستلزم فساد الباطن. وقد يصلح الظاهر مع فساد الباطن كحال المنافق والمرائي.
14- أن السبيل إلى استبانة المتشابهات يكون بأمرين هما :
1- تحصيل العلم النافع الذي يزن المرء به الأمور
2- سلامة القلب من الشهوات والزيغ والميل إلى الباطل ؛ فمن ثم ينتفع المرء بعلمه ، ويرى الأمور بنور الله تعالى لصفاء قلبه.