10 May، 2024 الخواطر السانحة في تفسير الفاتحة دراسة تحليلية بلاغية. أ.د عبد الحميد هنداوي

سورة الفاتحة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) [الفاتحة: 1]

 

الخواطر السانحة

في تفسير الفاتحة

دراسة تحليلية بلاغية

 

د/ عبد الحميد هنداوي

الأستاذ بكلية دار العلوم – جامعة القاهرة

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

بين يدي السورة

الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ؛ مالك يوم الدين ، أرسل رسوله بالحق والنور المبين ، وآتاه الكتاب المستبين ، هدى ورحمة للمتقين . وأصلي وأسلم على الهادي الأمين ، المبعوث رحمة للعالمين ، محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبع هديه إلى يوم الدين . ثم أما بعد : فلم أزل – بحمد الله تعالى – شغوفا بما في الفاتحة من عظيم المعاني ، منبهرا بها ومجتهدا في تحصيلها غير وانِ ، ولذا فقد غلبت على قلبي ، وهجمت على خاطري ، فتناولت بعض معانيها وأسرارها في كثير من خطابتي ومحاضراتي في طويل زمانِ . وكلما منيت نفسي بأن أسجل تلك المعاني والخواطر السانحة ، مما فتح الله به في تفسير الفاتحة ، أرجأت أمرها تهيبا وإجلالا ، حتى هممت بإخراج تلك السلسلة المباركة من سور القرآن الكريم ، ولما علم الناشر الكريم الأخ الشيخ / إسلام دربالة تعلقي بها أصر على البدء بها في هذه السلسلة ، فحثني ذلك على إتمام ما ابتدأته فيها ، والحمد لله أولا وآخرا . وقد نوعت في تناولي لهذه السورة الكريمة بين التفسير بالمعقول ،والتفسير بالمنقول ، وبين التحليل اللغوي الأسلوبي البلاغي ،وبين استنباط الفوائد ودقائق المعاني ، وأودعت ذلك ما فتح به الله تعالى على عبده الفقير من دقيق المعاني مما ألمحت به إشارات المحققين من المفسرين الأوائل فأورت زناد فكري ، ولقَّحت همة عقلي فأنتجت ذلك النتاج ، فما كان فيه من خير فمن الله وحده ، ومما ألمحت به إشارات السابقين ، وما كان فيه من خطأ فمني ومن الشيطان ، وأسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقا ، وأن يرزقنا اتباعه ، وأن يرينا الباطل باطلا ، وأن يرزقنا اجتنابه ، والله الموفق لا رب سواه ، نسأله الإخلاص و القبول ، والحمد لله أولا وآخرا ، وفي كل حين .

سورة الفاتحة

مكية وهي سبع آيات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)  [الفاتحة: 1]  فضلها وأسماؤها روى أبو هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- : « من صلَّى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خدَاج ، يقولها ثلاثا - وفي رواية : فهي خداج ، ثلاثا غيرُ تمام - فقيل لأبي هريرة : إنا نكونُ وراءَ الإمام ؟ فقال : اقرأْ بها في نفسك : فإني سمعتُ رسولَ - صلى الله عليه وسلم- يقول : قال الله عز وجل : قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، ولعبدي ما سألَ - وفي رواية فنصفها لي ، ونصفها لعبدي - فإذا قال العبد : « الحمد لله رب العالمين » قال الله : حمدَني عبدي ، وإذا قال : « الرحمن الرحيم » قال الله : أثْنَى عليَّ عبدي ، وإذا قال : « مَالكِ يومِ الدين » قال مجَّدَني عبدي - وقال مرَّة : فوَّضَ إليَّ عبدي - وإذا قال :{ إيَّاكَ نعبُدُ وإيَّاكَ نَسْتَعِينُ } قال : هذا بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل ، فإذا قال : { اهْدِنَا الصِّراطَ المُستَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عليْهِمْ ، غيرِ المغْضوبِ عَلَيْهِمْ ولا الضَّالِّينَ } قال : هذا بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل ». أخرجه مسلم والموطأ والترمذي والنسائي. وفي رواية الترمذي وأبي داود ، قال : قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- : « مَن صلى صلاة لم يقرأْ فيها بأُمِّ القرآن فهي خِداج ، فهي خِداج ، فهي خداج ، غيرُ تمام. قال أبو السائب - مولى هشام بن زهرة - قال :يا أبا هريرة ، إني أحيَانا أكون وراء الإمام ؟ قال : فغمز ذِراعي ، ثم قال : اقرأْ بها في نفسك يا فَارِسي... » وساق نحو ما تقدَّم ، وقال في آخرها : « هذا لِعبْدِي ، ولعبدي ما سأل ». وفي أخرى لأبي داود ، قال : قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : « أُخْرُج ، فنَادِ في المدينة : إنه لا صلاة إلا بقرآن ، ولو بفاتحة الكتاب فما زاد ».. وفي رواية للترمذي ولأبي داود : « أمرني أن أُناديَ : لا صلاةَ إلا بقراءةِ فاتحة الكتاب». زاد أبو داود « فما زاد ». وفي رواية ذكرها رزين : أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال : « لا صلاة إلا بقراءة ، فما أعْلَن رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أعْلَنَّاه لكم ، وما أخفى أخفينْناه لكم ، فقال له رجل : أرأيتَ يا أبا هريرة إن لم أزِد على أم القرآن ؟ فقال : قد سُئِلَ عن ذلك رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ؟ فقال : إن انتهيتَ إليها أجزأتك ، وإن زِدْتَ عليها فهو خير وأفضل ».([1]) عن أم سلمة ، قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم « يقرأ : ( بسم الله الرحمن الرحيم) ( الحمد لله رب العالمين ) يقطعها حرفا حرفا » . هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه .([2]) وقد ثبت في الحديث الصحيح عند الترمذي وصححه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الحمد لله أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني والقرآن العظيم " ويقال لها: الحمد، ويقال لها:الصلاة، لقوله عليه السلام عن ربه: " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله: حمدني عبدي " الحديث. فسميت الفاتحة: صلاة؛ لأنها شرط فيها. ويقال لها: الشفاء؛ لما رواه الدارمي عن أبي سعيد مرفوعا: " فاتحة الكتاب شفاء من كل سم " . ويقال لها:الرقية؛ لحديث أبي سعيد في الصحيح حين رقى بها الرجل السليم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وما يدريك أنها رقية؟ "([3]) روى البخاري في فضائل القرآن عن أبي سعيد الخدري، قال: كنا في مسير لنا، فنزلنا، فجاءت جارية فقالت: إن سيد الحي سليم، وإن نَفَرَنَا غُيَّب، فهل منكم راق؟ فقام معها رجل ما كنا نَأبِنُه برقية، فرقاه، فبرأ، فأمر له بثلاثين شاة، وسقانا لبنا، فلما رجع قلنا له: أكنت تحسن رقية، أو كنت ترقي؟ قال: لا ما رقيت إلا بأم الكتاب، قلنا: لا تحدثوا شيئا حتى نأتي، أو نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قدمنا المدينة ذكرناه للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: " وما كان يُدْريه أنها رقية، أقسموا واضربوا لي بسهم " ([4]) أسماؤها: "يقال لها: الفاتحة، أي فاتحة الكتاب خطا، وبها تفتتح القراءة في الصلاة ،ويقال لها أيضا: أم الكتاب عند الجمهور، وقد ثبت في الحديث الصحيح عند الترمذي وصححه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الحمد لله أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني والقرآن العظيم " . ويقال لها: الحمد ، ويقال لها:الصلاة، لقوله عليه السلام عن ربه: " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله: حمدني عبدي " الحديث. فسميت الفاتحة: صلاة؛ لأنها شرط فيها. ويقال لها: الشفاء؛ لما رواه الدارمي عن أبي سعيد مرفوعا: " فاتحة الكتاب شفاء من كل سم " . ويقال لها:الرقية؛ لحديث أبي سعيد في الصحيح حين رقى بها الرجل السليم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وما يدريك أنها رقية؟ " . وروى الشعبي عن ابن عباس أنه سماها: أساس القرآن، قال: فأساسها بسم الله الرحمن الرحيم، وسماها سفيان بن عيينة: الواقية. وسماها يحيى بن أبي كثير: الكافية؛ لأنها تكفي عما عداها ولا يكفي ما سواها عنها، كما جاء في بعض الأحاديث المرسلة: " أم القرآن عوض من غيرها، وليس غيرها عوضا عنها ". ([5]) ويقال لها: سورة الصلاة والكنـز ذكرهما الزمخشري في كشافه. وهي مكية، قاله ابن عباس وقتادة وأبو العالية، وقيل مدنية، قاله أبو هريرة ومجاهد وعطاء بن يسار والزهري. ويقال: نزلت مرتين: مرة بمكة، ومرة بالمدينة، والأول أشبه لقوله تعالى: { وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي } [الحجر: 87]، (وسورة الحجر مكية) والسبع المثاني هي الفاتحة للحديث السابق ، والله أعلم. قال البخاري في أول كتاب التفسير: وسميت أم الكتب، أنه يبدأ بكتابتها في المصاحف، ويبدأ بقراءتها في الصلاة (1) وقيل: إنما (2) سميت بذلك لرجوع معاني القرآن كله (3) إلى ما تضمنته. قال ابن جرير: والعرب تسمي كل جامع أمر (4) أو مقدم لأمر -إذا كانت له توابع تتبعه هو لها إمام جامع -أُمًّا، فتقول (5) للجلدة التي تجمع الدماغ، أمّ الرأس، ويسمون لواء الجيش ورايتهم التي يجتمعون تحتها أُمًّا، واستشهد (6) بقول ذي الرمة: على رأسه أم لنا نقتدي بها ... جماع أمور ليس (7) نعصي لها أمرا (8) يعني: الرمح. قال: وسميت مكة: أم القرى لتقدمها أمام جميعها وجمعها ما سواها، وقيل: لأن الأرض دحيت منها. ويقال لها أيضًا: الفاتحة؛ لأنها تفتتح بها القراءة، وافتتحت الصحابة بها كتابة المصحف الإمام، وصح تسميتها بالسبع المثاني، قالوا: لأنها تثنى في الصلاة، فتقرأ في كل ركعة، وإن كان للمثاني معنى آخر غير هذا، كما سيأتي بيانه في موضعه إن شاء الله. وهي سبع آيات بلا خلاف.(وذلك للحديث السابق) وإنما اختلفوا في البسملة: هل هي آية مستقلة من أولها كما هو عند جمهور قراء الكوفة وقول الجماعة من الصحابة والتابعين وخلق من الخلف، أو بعض آية أو لا تعد من أولها بالكلية، كما هو قول أهل المدينة من القرَّاء والفقهاء؟ على ثلاثة أقوال."([6])     سورة الفاتحة خطبة ومقدمة   تكشف عن مقاصد الكتاب الكريم هذه السورة الكريمة تسمى فاتحة الكتاب لأنها تقع في أول الكتاب في مفتتح المصحف الشريف ، وفي الصفحة الأولى منه ، شأنها في ذلك شأن خطبة المصنف التي يفتتح بها كتابه ويأتي بها في أوله ليكشف عن مقاصده ومحتواه ؛ فيبين ما يشتمل عليه هذا الكتاب على سبيل الإجمال ، وهذا هو شأن هذه السورة الكريمة ؛ ولذلك فقد وقعت في افتتاح هذا الكتاب الكريم . قال ابن كثير :"يقال لها: الفاتحة، أي فاتحة الكتاب خطا، وبها تفتتح القراءة في الصلاة ،ويقال لها أيضا: أم الكتاب عند الجمهور، وقد ثبت في الحديث الصحيح عند الترمذي وصححه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الحمد لله أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني والقرآن العظيم " . فهي يقال لها الفاتحة لأنها( فاتحة الكتاب خطا ) كما قال ابن كثير ، وهي يقال لها أيضا: أم الكتاب عند الجمهور، كما ثبت في الحديث الصحيح عند الترمذي ، وإنما سميت بأم الكتاب وأم القرآن لأنها أصله الذي يرجع القرآن إليه ؛ وذلك لأن أصول القرآن كلها موجودة في الفاتحة – كما سنبين بمشيئة الله تعالى . قال الطاهر بن عاشور في تفسيره :"وهذه السورة وضعت في أول السور لأنها تنزل منها منزل ديباجة الخطبة أو الكتاب مع ما تضمنته من أصول مقاصد القرآن كما علمت آنفا وذلك شأن الديباجة من براعة الاستهلال ." قال ابن كثير :"قالوا: وكلماتها خمس وعشرون كلمة، وحروفها مائة وثلاثة عشر حرفًا." قلت فإذا صح هذا التعداد كان ذلك نوعا من الإعجاز العددي ؛ حيث تشير السورة بحروفها إلى باقي سور القرآن وهي( 113) وهي كلها متضمنة في هذه السورة. وهو ما نحاول بيانه الآن ببيان ما تتضمنه هذه السورة من معاني القرآن ومقاصده على سبيل الإجمال . قال الطوفي في إيضاح البيان عن معنى أم القرآن : " أما لَفظُ (الأمّ) : فيُقالُ : هي أصلُ الشَّيءِ ، فمنهُ : - أمُّ الإنسانِ ؛ لأنها : أصلُهُ الذي خرجَ منهُ . - ومكَّةُ أمُّ القُرى ؛ لأنها أصلُ القُرى ؛ لما ذُكِرَ من أَنَّهَا دُحيت من تَحتِها . فيقالُ : إنَّ الأرضَ كانت رابيةً حيثُ هي مكَّةَ ، ثم بُسِطَت من هناكَ قال الله تَبارَكَ وتَعَالَى : â uÚö‘F{$#ur y‰÷èt/ y7Ï9¨sŒ !$yg8xmyŠ ÇÌÉÈ á ([7]) . وقال تَبارَكَ وتَعَالَى : â uÚö‘F{$#ur $yg»uZô©usù á ([8]) . وقال تَبارَكَ وتَعَالَى : â ª!$#ur Ÿ@yèy_ â/ä3s9 uÚö‘F{$# $WÛ$|¡Î0 ÇÊÒÈ  á وأشباه ذلك .
  • ويقالُ : للأرض أمّ البشَر ؛ لأنها أصله ، ومنها خُلق . ومنها قوله تَبارَكَ وتَعَالَى : â ª!$#ur /ä3tFu;/Rr& z`ÏiB ÇÚö‘F{$# $Y?$t7tR ÇÊÐÈ á ([9]) ، وقَوله : â øŒÎ) tA$s% y7š/u‘ Ïps3Í´¯»n=yJù=Ï9 ’ÏoTÎ) 7,Ï=»yz #[Ž|³o0 `ÏiB &ûüÏÛ ÇÐÊÈ á ([10])
  • وفي شعرِ بَني أُمَيّة :
وَالأَرْضُ مَنْشَأُنَا وَكانَتْ أُمَّنا           مِنْهَا حَقِيقَتُنا ، وَفيها نُولَدُ - وكذا : قولُه تَبارَكَ وتَعَالَى : â ¼çm–Bé'sù ×ptƒÍr$yd  á ([11]) أي : 1 : يلازمُ الهاويةَ ملازمةَ الطِّفلِ أمَّهُ التي هي أصلُه . 2 : وقيل : هذا من قولهم : هَوَتْ أمُّهُ . دعاءً عليه . 3 : ولعَلَّ أصلُهُ : أنْ ينتكّس على أمّ رَأسِهِ . - ويقولُ النُّحاةُ : (إنْ الشَّرْطِيَّة) هي أمُّ الباب ، و(إلاّ) أمُّ البابِ في الاستثناءِ . يعنونَ بِذلكَ : أصلَهُ الذي هو أكثرُ دوراناً . - وكذلك : رُوميه أم الروم ، أي : أصلُ بلادِها التي تَرجِعُ إليها وتَعتَمِدُ عليها . - ومِنها : قَوله تَبارَكَ وتَعَالَى : â ¼çm¯RÎ)ur þ’Îû ÏdQé& É=»tGÅ3ø9$# á ([12]) ، وقوله تَبارَكَ وتَعَالَى :  â ÿ¼çny‰YÏãur ‘Pé& É=»tGÅ6ø9$# á ([13]) يعني : أصله الذي نُقِلَ منه ، وهو : اللَّوحُ المحفوظُ . ﻓ(أُمُّ الكِتابِ) يُستَعمَلُ بمعنيينِ : أحدُهما : هذا ­ لما ذُكِر ­ . والثَّاني : الفاتحةُ لما نذكرُ ­ إنْ شاءَ الله عَزَّ وَجَلَّ ­ مِن أَنَّهَا متضمِّنة لِكُلّيات القرآنِ إجمالاً . 2ـ [ لَفظُ (القُرآن) ] وأما (القرآن) فالمراد به : الكلامُ الإلهيّ الجامع النَّازل على محمدٍ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . مُشتَقٌّ مِنْ : (القَرْءِ) ؛ وهو : الجَمْعُ ؛ لجمعِهِ ما ذكرنا . ومادَّةُ (قَرَأَ) إلى هذا تَرجِعُ . فإذا علمت هذا فاعلم أن الفاتحة هي أم القرآن ، أي أصله الذي يرجع إليه ؛ وذلك ببيان ما اشتمل عليه القرآن على سبيل الإجمال ، ثم جاءت سور القرآن فبينت ما اشتملت عليه الفاتحة على سبيل التفصيل ؛ وذلك أن الكلام نوعان :
  • مجمل
  • مفصل مبين
قال الطوفي: "اعلم أن الكلامَ ­ من حيث هو ­ على ضَربَين : الضَّربُ الأَوَّل : مجملٌ . الضَّربُ الثَّانِي : ومبيَّنٌ مفصَّلٌ . والضَّرْبان مُتفاوتان في المراتبِ : فبعضُ المجملِ أشدّ إجمالاً من بعض ، وبعضُ المبيّن أشدّ بياناً من بعض ؛ حتى : يَنتهي (المجملُ) إلى غايةِ الإجمالِ . و(المبيَّنَ) إلى غايةِ البيانِ .
  • وسببُ الإجمالِ :
- تارةً : قُصورُ المتكلّمِ عن البيانِ . - وتارةً : قُوَّةُ إِدراكِ السَّامِع بحيثُ يُفهَم بِأَدنَى إِشارَةٍ ، فيَتّكِلُ المتَكَلِّم على ذلك ، فيُقتَصَرُ على الإِجمالِ . - وتارةً الأَمرانِ : قصورُ المتكلّم وقوّةُ السَّامعِ ، فلا يُبالِي المتكلِّم [ إِنْ ] كانَ قاصراً عن البَيانِ أو قادراً عليه . - وتارةً : تَعَلّقُ المصلحة بالإجمال من : إخفاء سرٍّ ، أو : امتحان سامعٍ بإدراك معنى خفيٍّ … وغير ذلك من الأسباب .
  • وسببُ البيانِ :
- تارةً : فصاحةُ المتكلِّم وبلاغَتُه . - وتارةً : ضعفُ فهمِ السَّامعِ ، فيَحرُصُ المتكلّمُ على إِفهامِه . - وتارةً : الأمران جميعاً . - وتارةً : اهتمامُ المتكلِّم بمعنى الكلامِ ؛ فيحرصُ على إظهارهِ في بعضِ مراتبِ البيانِ … وغيرُ ذلكَ منَ الأسبابِ . ومن أمثلة تفاوت مراتب البيان :
  • [ المِثالُ الأَوَّلِ ] : قوله U : â øŒÎ)ur tA$s% 4Óy›qãB ÿ¾ÏmÏBöqs)Ï9 ¨bÎ) ©!$# ôMä.ސßDù'tƒ br& (#qçtr2õ‹s? Zous)t/ '( á إلى آخرِ الآياتِ .
فإنه عَزَّ وَجَلَّ : 1 : أمرهم أولاً بذبح بقرةِ ، وهو مسّمى مطلق في غاية الإجمال . 2 : ثم : بَيَّنَ لهم أَنَّهَا ⠞w ÖÚ͑$sù Ÿwur íõ3Î/ 8b#uqt㠚ú÷üt/ y7Ï9¨sŒ ( á . 3 : ثم : بَيَّنَ لهم أَنَّهَا ﴿ âä!#uøÿ|¹ ÓìÏ%$sù $ygçRöq©9 ”Ý¡s? šúï͍Ï໨Z9$# ﴾ . 4 : ثم : بَيَّنَ أَنَّهَا ﴿ žw ×Aqä9sŒ ㎍ÏVè? uÚö‘F{$# Ÿwur ’Å+ó¡s? y^öutù:$# ×pyJ¯=|¡ãB žw spu‹Ï© $yg‹Ïù ﴾ فكان ذلك غاية البيان لهم ، فحينئذ قالوا : ﴿ z`»t«ø9$# |M÷¥Å_ Èd,ysø9$$Î/ 4 $ydqçtr2x‹sù $tBur (#rߊ%x. šcqè=yèøÿtƒ ﴾ ([14]) .
  • [ المِثالُ الثَّانِي ] : ومن أمثلة ذلك أن الله عَزَّ وَجَلَّ بيّن (مواقيت الصلاة) في كتابه بقوله عَزَّ وَجَلَّ :
1 : â z`»ysö6Ý¡sù «!$# tûüÏm šcqÝ¡ôJè? tûüÏmur tbqßsÎ6óÁè? ÇÊÐÈ á الآية ([15]) . 2 : ثم بقوله عَزَّ وَجَلَّ : â ôxÎm7y™ur ω÷Kut¿2 y7În/u‘ tûüÏm ãPqà)s? ÇÍÑÈ z`ÏBur È@ø‹©9$# çmósÎm7|¡sù u»t/ôŠÎ)ur ÏQqàf‘Z9$# ÇÍÒÈ á ([16]) . 3 : ثم بقولهِ عَزَّ وَجَلَّ : â ôxÎm7y™ur ωôJut¿2 y7În/u‘ Ÿ@ö6s% Æíqè=èÛ Ä§ôJ¤±9$# Ÿ@ö6s%ur É>rãäóø9$# á ([17]) . â ... Ÿ@ö6s%ur $pkÍ5rãäî ( á الآيتين . 4 : وبقوله عَزَّ وَجَلَّ : â ÉOÏ%r& no4qn=¢Á9$# Ï8qä9à$Ï! ħôJ¤±9$# 4’n<Î) È,|¡xî È@ø‹©9$# á الآيات ([18]) وهي متفاوتة في البيان على ترتيبها الذي ذكرناه . 5 : ثم جاءت (السُّنة) في رتبةٍ ثانيةٍ من البيان ، كحديث :ِ ابن عباس ([19]) وجابر([20]) وبريدة ([21]) y وغير هذا . 6 : ثمَّ جاءَ (كلامُ الفقهاءِ) في رُتبةٍ ثالثةٍ منَ البيانِ ، فهي في غايتِهِ . ثم إنَّ كتبَ الفقهاءِ مُتفاوتةٌ في البيانِ ، فبعضُها أَبْيَنُ في ذلكَ مِن بعضٍ ، ولكنَّ جُملَتُها بَلَغَت غايةَ البيانِ .
  • [ المِثالُ الثَّالث ] :
ومِن أمثلةِ ذلكَ قولُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : â * ô‰s)©9 tb%x. ’Îû y#ߙqムÿ¾ÏmÏ?uq÷zÎ)ur ×M»tƒ#uä tû,Í#ͬ!$¡¡=Ïj9 ﴾ ([22]) في سياقِ السُّورةِ ([23]) . وكذلكَ قصصُ جماعةٍ مِن الأممِ معَ أنبيائِها : أجْمَلَها اللهُ عَزَّ وَجَلَّ في مكانٍ ﮐ(سُورةِ الذَّارياتِ) وبَيّنَها في مكانٍ آخَرَﮐ(سورة الأعراف والشعراء وهود) ([24]) . وبَعضُها أَبْيَنُ مِنْ بَعضٍ بَياناً مُطلَقاً ، أَو مِن وَجهٍ . ولهذا : يُستفادُ ذلكَ مِنْ بَعضُ السُّورِ ما لا يُستفادُ مِن بَعضٍ . ثُمَّ استَقصَى القُصّاصُ بيانَ ذلكَ ؛ مثل : وهب ([25]) ، والكَسائي ([26]) ، والثَّعلبي ([27]) . وأَجوَدُها كتابُ وثيمة بن موسى بن الفرات ، وأبلغُ من ذلكَ بياناً : مُعايَنَةُ قَصَصِهِم لمن عايَنَها عندَ وُقوعِها . وإذا نظرتَ في كتابِنا المسّمى ﺑ(الرِّياضِ النَّواظِرِ فِي الأَشباهِ والنَّظائِرِ) لاحَت لكَ بارِقَةٌ كَبيرَةٌ مِنَ البَيانِ ومراتِبِه - إِنْ شاءَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ . [ مَراتِبُ القُرآنِ ] إذا عرفتَ ما قدّمناهُ من مراتبٍ ؛ فاعلَمْ : أَنَّ (القُرآنَ) فِي مَراتِبِ بَيانِهِ على ذلك : 1 : ﻓ(الفاتحةُ) التي هي (أّمُّ القرآنِ) مشتملة على مقاصدِهِ الكُلِّيَّةِ من حيث الإجمال ، ثم باقي القُرآن يُبَيّن ذلك في رُتبَةٍ ثانيةٍ منَ البيانِ . 2 : ثم السّنَّة بَيَّنَته في رُتبة ثالثةٍ من البيانِ ؛ لأَنَّها بيانُ القرآنِ ؛ لقوله تَبارَكَ وتَعَالَى : â $uZø9u“Rr&ur y7ø‹s9Î) uò2Ïe%!$# tûÎiüt7çFÏ9 Ĩ$¨Z=Ï9 $tB tAÍh“çR öNÎköŽs9Î)  á ([28]) . 3 : ثم (العَيان) في الدّنيا والآخرة بيّنه في رتبةٍ رابعةٍ ، وهي غايةُ البيانِ ، إذْ لا أَبْيَنَ مِن العِيان ، وإليه الإشارةُ بقولهِ تَبارَكَ وتَعَالَى : â ö@yd tbrãÝàZtƒ žwÎ) ¼ã&s#ƒÍrù's? 4 ﴾ ([29]) . â ö@yd tbrãÝàZtƒ HwÎ) br& ÞOßgu‹Ï?ù's? èps3Í´¯»n=yJø9$# ö ﴾ ([30]) . ﴿#y‰t/ur Mçlm; šÆÏiB «!$# $tB öNs9 (#qçRqä3tƒ tbqç7Å¡tFøts†  á ([31]) . ¾Ïnɋ»ydâ ãL©èygy_ ÓÉL©9$# óOçFZä. šcr߉tãqè? á ([32]) . â }§øŠs9r& #x‹»yd Èd,ysø9$$Î/ ( ؟ (#qä9$s% : 4’n?t/ $sYÎn/u‘ur 4 ﴾ ([33]) الآياتُ ونحوها. ¯ ولنشرحُ ذلكَ على وجهٍ يَظهَرُ ، وذلك من وُجُوهٍ :
  • الوَجهُ الأَوَّل : أنَّ القُرآنَ مشتملٌ على مقاصدِ الإيمانِ ؛ وهي : التَّصديقُ باللهِ وملائكَتِهِ وكُتبِه ورسلِه واليومِ الآخرِ والقدرِ خيرِه وشرِّه ، كما ثبتَ ذلكَ في حديثِ جبريلَ في الحديثِ الصَّحيحِ ([34]) .
وهذا هو مقصودُ القرآنِ بالذَّات ، ولذلك سمّى (إيماناً) في قوله عَزَّ وَجَلَّ : â `tBur öàÿõ3tƒ Ç`»uKƒM}$$Î/ ô‰s)sù xÝÎ6xm ¼ã&é#yJtã á يعني : بِالقُرآنِ ­ فيما قالَه بعضُهُم ­ . وهذه المقاصد كلها مشارٌ إليها في الفاتحة .([35]) وهذا القول قد ذهب إلى أن القرآن كله في التوحيد على الحقيقة ، يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى "بل نقول قولاً كلياً: إنَّ كل آية في القرآن فهي متضمنة للتوحيد، شاهدة به، داعية إليه. فإن القرآن: إما خبر عن الله، وأسمائه وصفاته وأفعاله، فهو التوحيد العلمي الخبري. وإما دعوة إلى عبادته وحده لا شريك له، وخلع كل ما يعبد من دونه. فهو التوحيد الإرادي الطلبي. وإما أمر ونهي، وإلزام بطاعته في نهيه وأمره. فهي حقوق التوحيد ومكملاته. وإما خبر عن كرامة الله لأهل توحيده وطاعته، وما فعل بهم في الدنيا، وما يكرمهم به في الآخرة. فهو جزاء توحيده وإما خبر عن أهل الشرك، وما فعل بهم في الدنيا من النكال. وما يحل بهم في العقبى من العذاب. فهو خبر عمن خرج عن حكم التوحيد"[36]. قلت فالإيمان بالله تعالى وما يتفرع عليه من توحيده في أسمائه وصفاته وربوبيته سبحانه واضح تمام الوضوح في إثبات الحمد له سبحانه على وجه الاستحقاق مسندا لأعظم أسمائه وصفاته التي هي أعلام عليه على الحقيقة ، فلا يقال: ( الله ) إلا له سبحانه ، وكذلك لا يقال : ( الرب ) على الإطلاق إلا له سبحانه ، كما لا يقال ( الرحمن ) إلا له كذلك ، وزاد على ذلك : (الرحيم) لاختصاص المؤمنين برحمة خاصة في الآخرة ، أما (الرحمن) فهو دال على اتساع رحمته في الدنيا لخلقه جميعا مؤمنهم وكافرهم ، إنسهم وجنهم ، حتى يشمل كل دابة في الأرض ، وطائر في السماء ، وزاد مالك يوم الدين ، أو ملك يوم الدين ، لأن الملك والمالك علمان مختص بهما سبحانه في ذلك اليوم ، يوم ينادي فيقول : " لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ؟" فيجيب نفسه سبحانه :" لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ" (غافر:16) فاشتملت السورة على ست أسماء لله تعالى : ثلاثة منها هي أعلام عليه في الدنيا ، وهي (الله ، والرب ، والرحمن ) وثلاثة هي أعلام عليه في الآخرة ، وهي : (الرحيم ، والملك والمالك) وكما أن (الرحمن) تدل على معنى ليس في (الرحيم) ، فكذلك (ملك) و(مالك) يدل كل واحد منهما على معنى ليس في الآخر ؛ فالملك يدل على اختصاصه بالحكم ؛ فهو الحاكم القاضي وحده في ذلك اليوم ، قال تعالى: " يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18) يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19) وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ"(غافر:20) وقال تعالى:" وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ" (الرعد:41) وهذا في الدنيا والآخرة ، واختصاصه به في الآخرة أوضح من أن يدلل عليه. أما اسمه (المالك) فلاختصاصه في ذلك اليوم بتمام المالكية ، فلا يملك أحد من عباده معه مثقال ذرة في ذلك اليوم . قال تعالى:" وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ" (الأنعام:94) وقال تعالى:"وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَنْ لَنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا" (الكهف:48) وعلى الجملة فهو سبحانه الملك والمالك على الحقيقة وحده في الدنيا والآخرة ، ولا يوصف أحد بذلك في الدنيا على الحقيقة بل لا يوصف بذلك إلا مجازا . أما في الآخرة فاختصاصه بذلك أوضح ما يكون. قال ابن كثير :" والمَلِك في الحقيقة هو الله عز وجل ؛ قال الله تعالى: { هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ } وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا أخنع اسم عند الله رجل تسمى بملك الأملاك ولا مالك إلا الله، وفيهما عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض؟ أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟" وفي القرآن العظيم: { لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } فأما تسمية غيره في الدنيا بملك فعلى سبيل المجاز كما قال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا } ، { وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ } { إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا } ، وفي الصحيحين:(مثل الملوك على الأسرة). والإيمان بالله تعالى ينقسم إلى :
  • إيمان بربوبيته سبحانه ، ويشمل ذلك : الإيمان بأسمائه وصفاته وتنزيهه فيها عن الشبيه والنظير ، وهو ما يسمى بتوحيد الربوبية ، وتوحيد الأسماء والصفات ، أو التوحيد العلمي الخبري الاعتقادي ، أو توحيد المعرفة والإثبات.
  • إيمان بعبوديته : ويقصد به : الإيمان بوجوب عبادته بما شرعه من وحيه المنزل على رسوله محمد r ، مع اعتقاد استحقاقه لهذه العبادة وحده سبحانه على وجه الانفراد والتبرؤ من كلِّ ما يعبد من دونه سبحانه ، وهذا هو ما يعرف بتوحيد العبادة ، أو توحيد العبودية ، أو توحيد الألوهية ، أو توحيد القصد والطلب ، ونحو ذلك.
وهذا النوع الثاني من الإيمان وهو ما يعرف بتوحيد العبادة هو المذكور في قوله تعالى :"إياك نعبد وإياك نستعين".وهو المقصود في قول النبي r "آمركم بالإيمان بالله وحده ، أتدرون ما الإيمان بالله وحده ؟ شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وأن تعطوا من المغانم الخمس "([37]) ففسر النبي r الإيمان بالله تعالى بالتوحيد وما يتبعه من العمل الواجب لهذا الإيمان ؛ والإيمان بالله تعالى يقتضي التوحيد ؛ لأن الإيمان به لا بد أن يكون بإثبات ذاته وأسمائه الحسنى وصفاته العلا ، ومعلوم أنه سبحانه متصف بالوحدانية في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله ؛ فهو الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد. فهو سبحانه واحد في ذاته ، واحد في صفاته ، واحد في أفعاله ؛ فلا يشابهه في شيء من ذلك أحد ، وليس له في شيء من ذلك شبيه ولا نظير ؛ ولما كانت أسماؤه وصفاته سبحانه دالة على ربوبيته وعبوديته - مع اتصافه بالوحدانية والتفرد في ذلك كلِّه – كان الإيمان بالله تعالى بأسمائه وصفاته مقتضيا لتوحيده سبحانه في ربوبيته وعبوديته . ومع اقتضاء الإيمان للتوحيد فقد جاء توكيد النبي r لمعنى التوحيد في الإيمان بقوله r "آمركم بالإيمان بالله وحده" فنص على أن الإيمان لا بد معه من التوحيد الذي يقتضيه ؛ لأن اقتضاء الإيمان للتوحيد ربما لا يتضح للعامة ، فنص النبي r على ما يقتضيه من ذلك. "إياك نعبد وإياك نستعين " هي سر الفاتحة ، وسر أسرار القرآن الكريم ؛ وذلك لأن توحيد العبادة هو المقصد الأعظم . وبيان ذلك أن قضية التوحيد هي قضية القرآن الأولى ، وهي أعظم قضاياه ؛ وعليها تتفرع سائر القضايا والأحكام . التوحيد هو محور القرآن الكريم : لا شك أن التوحيد هو المحور الذي يدور عليه القرآن الكريم ،والأساس الذي انطلقت منه حواراته مع المشركين ،تلك الحوارات التي شملت جميع القضايا الإيمانية – في العهد المكي – وشملت قضايا الأحكام والتشريعات – في العهد المدني . ونستطيع القول إن القرآن الكريم كلَّه أو جلَّه حوار حول قضية التوحيد ؛ وفي ذلك يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى "بل نقول قولاً كلياً: إنَّ كل آية في القرآن فهي متضمنة للتوحيد، شاهدة به، داعية إليه. فإن القرآن: إما خبر عن الله، وأسمائه وصفاته وأفعاله، فهو التوحيد العلمي الخبري. وإما دعوة إلى عبادته وحده لا شريك له، وخلع كل ما يعبد من دونه. فهو التوحيد الإرادي الطلبي. وإما أمر ونهي، وإلزام بطاعته في نهيه وأمره. فهي حقوق التوحيد ومكملاته. وإما خبر عن كرامة الله لأهل توحيده وطاعته، وما فعل بهم في الدنيا، وما يكرمهم به في الآخرة. فهو جزاء توحيده وإما خبر عن أهل الشرك، وما فعل بهم في الدنيا من النكال. وما يحل بهم في العقبى من العذاب. فهو خبر عمن خرج عن حكم التوحيد"[38]. لقد اهتم القرآن بعرض محاورات الأنبياء لأقوامهم حول قضية التوحيد و دعوتهم إلى عبادة الله الواحد الأحد : قال تعالى :"وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ(36) "[39] وقال تعالى :"وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ"[40]. ثبوت ربوبية الله تعالى عند أغلب الطوائف: إن ربوبية الله ثابتة لدى جلِّ طوائف الناس، بما فيهم المكابرون كفرعون وأمثاله حينما قال : قال تعالى (فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى)[41]وقال سبحانه( مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي )[42]، لكنه برغم ادعائه للربوبية يعلم يقينا أن الرب الحقيقي غيره ،كما أخبر بذلك رب العزة في قوله تعالى (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ)[43]. وهناك من الناس من ادعى للكون إلهين، كما هو حال المجوس ومن وافقهم حينما جعلوا للعالم خالقين، واحدا للظلمة وآخر للنور لكنهم غلبوا إله النور واعتبروه إله الخير بينما إله الظلمة هو إله الشر[44]، " وليس في جميع الكفار من جعل لله شريكا مساويا له في ذاته وصفاته وأفعاله. وهذا لم يقله أحد قط، لا من المجوسية الثنوية[45] ولا من أهل التثليث، ولا من الصابئة والمشركين الذين يعبدون الكواكب والملائكة، ولا عباد الأنبياء والصالحين ولا عباد التماثيل والقبور وغيرهم"[46] ولقد عرف عرب الجاهلية أن لهم ربا خالقا لهذا الكون وتعرفوا على بعض صفاته، وأخلصوا له الدعاء وقت الشدة والاضطرار، والناظر في أشعارهم يجد ذلك واضحا كل الوضوح. يقول عبد المطلب جد النبي r في جيش أبرهة الحبشي الذي غزا الكعبة في عام الفيل : يا رب لا أرجو لهم سواكا              يا رب فامنع منهم حماكا إن عدو البيت من عاداكا               امنعهم أن يخـربوا  قراكا وقال أيضا: لاهم إن العبد يمنـــع             رحله فامنــع حلالـــــك لا يغلبن صليبــــهم            ومحالهم غدوا محالـــــــك إن كنت تاركهم وقبـــــــــلتنا فأمر ما بدا لـــــك* ولـئن فعلت فإنــه                         أمر تتم به فعــــالك[47] ويقول زهير بن أبي سلمى: بدا لي أن الله حق  فزادنـي       إلى الحق تقوى الله ما قد بدا ليا بدا لي أن الناس تفنى نفوسهم         وأموالهم ولا أرى الدهر فانيا [48] ويقول عنتر بن شداد: يا عبل أين من المنية مهــرب      إذا كان رب في السماء قضاها[49]   ويقول أمية بن أبي الصلت: إذا قيل من رب هذي السما           فليس سواه له مضطرب ولو قيل رب سوى ربنــا         لقال العباد جميعا كذب [50] ولو أردنا أن نلتمس شاهدا ، أو دليلا لذلك فالقرآن خير شاهد ؛ فقد ورد في حوارات القرآن الكريم للمشركين ما يثبت إقرارهم بربوبية الله تعالى ، من ذلك قوله تعالى :"قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (31)"[51] وقوله تعالى :"قُلْ  لِمَنِ الأرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89)"[52] وهذه الآيات وغيرها كثير أكبر دليل على اعتراف المشركين بربوبية الخالق، لذلك صرفوا له بعضا من عباداتهم مثل الدعاء وبعض القربات كالصدقات وسدانة البيت وسقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام ، وغير ذلك وقد ذكر القرآن ذلك في قوله تعالى : " وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُون " [53]. قال تعالى :"مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (17) إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (18) أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (19)"[54] إن رب العزة – جلَّ وعلا - لم يرفع عن المشركين صفة الشرك بمجرد هذا الإقرار الواضح، أو صرف بعض العبادات له سبحانه – مع صرف غيرها لغيره - بل وصفهم بالشرك رغم تلك الأعمال فقال : " مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (17) [55] وقال أيضا :" فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65)"[56] ورد عليهم زعمهم بأنهم على التوحيد وعلى ملة إبراهيم - عليه السلام - حيث قال تعالى "إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ)[57]. إن ربوبية الله تعالى – في أغلب صورها وصفاتها - حقيقة ثابتة اتفق عليها أهل الشرك مع أهل التوحيد والإيمان، وبذلك كانت نقطة الالتقاء والبداية أو المقدمة التي انطلق القرآن من خلالها لإثبات توحيد العبودية ، وذلك من خلال حواراته العديدة للمشركين. والتوحيد في اللغة : من قولهم : وحَّد الشيء توحيدا :أي: جعله واحدا . قال الجوهري " الوحدة الانفراد، تقول: رأيته وحده، .. كأنك قلت: أوحدته برؤيتي إيحادا أي لم أر غيره"... ويقال وحَده وأحَده كما يقال ثناه وثلثه، ورجل وحد ووحد ووحيد أي منفرد، وتوحد برأيه تفرد به ... وفلان واحد دهره أي لا نظير له"[58]. ومن ثم فالتوحيد لغة : مصدر وَحَّدَ توحيداً ،وهو جعل الشيء واحدا منفردا عما يشاركه أو يشبهه في كل شيء. ومعناه اصطلاحا: إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة؛ فمن أفرد الله بالعبادة فقد وَحَّده، يعني: أفرده عن غيره. وقيل هو :" إفراد المعبود بالعبادة مع اعتقاد وحدته ذاتا وصفاتا وأفعالا"[59] وقال شيخ الإسلام ابن تيمية " هو أن لا يشركه شيء من الأشياء فيما هو من خصائصه"[60] و "التّوحيد" - على سبيل التفصيل - ثلاثة أنواع : النوع الأول: توحيد الربوبية، وهو: إفراد الله- تعالى- بالخلق، والرزق، والتدبير، والإحياء، والإماتة، وتدبير الخلائق ، أي : لا خالق، ولا رازق، ولا محيي، ولا ضار، ولا نافع؛ إلا الله سبحانه وتعالى. فهذا يُسمّى: توحيد الربوبية، وهو: توحيده بأفعاله سبحانه وتعالى، فلا أحد يخلق مع الله، ولا أحد يرزق مع الله، ولا أحد يحي ويميت مع الله سبحانه وتعالى. وهذا النوع من أقرّ به وحده لا يكون مسلماً؛ لأنه قد أقرّ به الكفار، كما ذكر الله - جل وعلا- في القرآن في آيات كثيرة: قال تعالى :"وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87)"[61] وقال تعالى :"وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (61) اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (62) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نـزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (63)"[62] وقال تعالى :"وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38)"[63] وقال تعالى :"وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (9)"[64] وقال تعالى :" قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (31)" [65] وقال تعالى :"أَمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (64)"[66] فهذه الآيات وغيرها كثير أخبر الله فيها أن المشركين يقرّون بأن الله هو الخالق، والرازق، والمحيي، والمميت، ومع هذا لا يثبت لهم إسلام ولا توحيد ؛ لأنهم لم يأتوا بالنوع الثاني وهو توحيد العبادة الذي هو المقصد الأعظم. النوع الثاني: توحيد الألوهية، ومعناه: إفراد الله- تعالى- بالعبادة ، أو هو "استحقاقه سبحانه وتعالى أن يعبد وحده لا شريك له"[67]،فهو "إفراده بالتأله"[68]،"وحقيقته إفراد الرب سبحانه بالمحبة والإجلال والتعظيم والذل والخضوع"[69]، أو "هو إفراده وحده ، بأجناس العبادة وأنواعها وإفرادها من غير إشراك به في شيء منها مع الاعتراف بكمال ألوهيته"[70] ومن خلال هذه التعريفات يتضح لنا أن توحيد الألوهية - ويسمى توحيد القصد والطلب- [71] هو إفراد الله بجميع العبادات القولية والعملية الظاهرة كأعمال الجوارح والباطنة كأعمال القلوب من غير إشراك بالله تعالى في شيء من تلك العبادات . وهذا التوحيد هو الذي بعث الله تعالى به جميع رسله ، وهو أول واجب على العبيد ،ولا يقبل العبد عند الله بدونه : قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ)[72]، ويقول سبحانه (وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ)[73]يقول الطاهر بن عاشور[74] " والأمر بالسؤال هنا- في هذه الآية – تمثيل لشهرة الخبر وتحققه ... والمعنى: استقرِ شرائع الرسل وكتبهم وأخبارهم هل تجد فيها عبادة آلهة.."[75]،وقال تعالى (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ )[76]، فجميع الأنبياء والرسل جاءوا ليحققوا هذا النوع من التوحيد مع سائر ما أمروا به من الاعتقادات والشرائع  . وهذا النوع غير توحيد الربوبية الذي هو إفراده بالخلق والرزق والتدبير، بل إفراد الله بالعبادة؛ بأن لا يُعبَد إلا الله سبحانه وتعالى لا يُصَلّى، ولا يُدعى، ولا يُذبَح، ولا يُنذَر، ولا يُحَج، ولا يُعتَمر، ولا يُتصَدق، ولا... إلى آخره؛ إلا لله سبحانه وتعالى، يبتغى بذلك وجه الله سبحانه وتعالى. وهذا هو الذي وقعت الخصومة فيه بين الرسل والأمم.(ودارت عليه أكثر الحوارات القرآنية بين الرسل وأقوامهم )[77] أما الأول فما وقعت فيه خصومة، لأن الأمم مقِرّة بأن الله هو الخالق الرازق، المحيي المميت، المدبر، ولم يُنكِر توحيد الربوبية إلاَّ شُذّاذ من الخلق، أنكروه في الظاهر، ولكنهم مستيقنون به في الباطن، من ذلك: فرعون، وإن كان جحد وجود الرّب سبحانه وتعالى، وقال: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} فهذا في الظاهر، وإلاَّ فهو يقر في قرارة نفسه أنه ليس برب، وأنه لا يخلق، ولا يرزق، وإنما في قرارة نفسه يعترف بأن الله هو الخالق الرازق، كذلك الشيوعية في عصرنا الحاضر جحودها للرّب، هذا في الظاهر، وإلا كل عاقل يعلم أن هذا الكون ما وُجِدَ من دون خالق، ومن دون مدبِّر، ومن دون موجد، أبداً، كل عاقل يعترف بتوحيد الربوبية. [78]   ومن خلال ما سبق نخلص إلى أن علم التوحيد - بقسميه السابقين – هو العلم الذي يبحث فيما يجب للخالق سبحانه من تنـزيهه في صفاته عن الشريك ، وفيما يجب من إفراده سبحانه بالعبادة . ولذا يسمى النوع الأول بالتوحيد العلمي الخبري ، أو توحيد المعرفة والإثبات ، والنوع الثاني بتوحيد القصد والطلب .[79] إن علم التوحيد يدور على إثبات أن لهذا الكون خالقا واحدا لا يشاركه في هذا الخلق والتدبير أحد، وهو بذلك المستحق للعبادة دون ما سواه، وهذا ما دعت إليه جميع الرسل، وبينوه للناس، لأن البشرية أخذت في التخبط في فهم هذا التوحيد[80]، يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: " وقد تقسمت الطوائف التوحيد وسمى كل طائفة باطلهم توحيداً. فأتباع أرسطو و ابن سينا و النصير الطوسي، عندهم التوحيد: إثبات وجود مجرد عن الماهية والصفة، بل هو وجود مطلق، لا يعرض لشيء من الماهيات، ولا يقوم به وصف، ولا يتخصص بنعت، بل صفاته كلها سلوب وإضافات"[81]. وواضح لكل من له أدنى علم بكتاب الله تعالى أن ذلك أبعد ما يكون عن منهج القرآن في بيان توحيد الله تعالى ، وقد نحا نحو ذلك المذهب أهل الحلول والاتحاد فقالوا: " إن الحق المنـزه هو عين الخلق المشبه، وأنه سبحانه هو عين وجود كل موجود، وحقيقته وماهيته، وأنه آية كل شيء، وله فيه آية تدل على أنه عينه. وهذا عند محققيهم من خطأ التعبير، بل هو نفس الآية، ونفس الدليل ونفس المستدل ونفس المستدل عليه. فالتعدد: بوجود اعتبارات وهمية، لا بالحقيقة والوجود، فهو عندهم عين الناكح وعين المنكوح وعين الذابح وعين المذبوح وعين الآكل وعين المأكول، وهذا عندهم: هو السر الذي رمزت إليه هوامس الدهور الأولية، ورامت إفادته الهداية النبوية، كما قاله محققهم وعارفهم ابن سبعين"[82]. ونتيجة للبعد عن منهج القرآن في بيان التوحيد ، مع اتباع كلِّ فرقة لأهوائهم ضلَّت الفرق المبتدعة ، وانقسمت في قضية التوحيد أقساما عديدة، يقول الإمام ابن القيم: "وأما الجهمية[83]، فالتوحيد عندهم: إنكار علو الله على خلقه بذاته، واستوائه على عرشه وإنكار سمعه وبصره وقوته وحياته وكلامه وصفاته وأفعاله ومحبته ومحبة العباد له. فالتوحيد عندهم: هو المبالغة في إنكار التوحيد الذي بعث الله به رسله. وأنـزل به كتبه. وأما القدرية[84]، فالتوحيد عندهم: هو إنكار قدر الله، وعموم مشيئته للكائنات، وقدرته عليها. ومتأخروهم ضموا إلى ذلك: توحيد الجهمية. فصار حقيقة التوحيد عندهم: إنكار القدر، وإنكار حقائق الأسماء الحسنى والصفات العلا، وربما سموا إنكار القدر، والكفر بقضاء الرب وقدره: عدلا وقالوا: نحن أهل العدل والتوحيد. وأما الجبرية[85]، فالتوحيد عندهم : هو تفرد الرب تعالى بالخلق والفعل، وأن العباد غير فاعلين على الحقيقة، ولا محدثين لأفعالهم، ولا قادرين عليها، وأن الرب تعالى لم يفعل لحكمة، ولا غاية تطلب بالفعل، وليس في المخلوقات قوى وطبائع وغرائز وأسباب. بل ما ثم إلا مشيئة محضة ترجح مثلاً على مثل بغير مرجح ولا حكمة ولا سبب البتة"[86]. وقد اكتفيت بما ذكره الإمام ابن القيم كمثال يبين لنا موقف طوائف الفرق الإسلامية من قضية التوحيد، وكيف تفرقوا في هذه القضية فرقا لا تحصى بسبب ابتعادهم عن المنهج القرآني في هذه القضية ، وخروجهم عنه إلى فلسفات وآراء وأهواء ما أنـزل الله بها من سلطان ، تمسكوا بها وقدموها على كتاب الله تعالى وسنة نبيه r مما أوقعهم في الضلال المبين . وقد تبنى العلماء الرد على هذه الأهواء والبدع جملة وتفصيلا، وليس الاستطراد فيها من غرض هذا البحث[87]. أقسام التوحيد : وقد اهتم العلماء قديما وحديثا بعلم التوحيد وقد قسموه إلى عدة أقسام حتى يسهل فهمه وإدراكه، فبعضهم قسمه إلى قسمين: توحيد الربوبية أو ما يسمى بتوحيد المعرفة والإثبات أو توحيد الله بأفعاله سبحانه، وأدخل في هذا توحيد الأسماء والصفات، والقسم الثاني هو توحيد الألوهية أو توحيد القصد والطلب .[88] أو توحيد الله بأفعال المكلفين، وعلى هذا القول الإمام ابن القيم رحمه الله[89]، وهناك من قسمه إلى ثلاثة أقسام رئيسة توحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات[90] ومنهم من قسمه إلى أربعة أقسام، هي توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء وتوحيد الصفات[91]، والحقيقة أن هذه التقسيمات لفظية، لأن مضمونها واحد، إذ إن التوحيد الصادق لا يتحقق إلا بالتصديق الكامل بكل أقسام التوحيد فالإقرار بالألوهية يتضمن الإقرار بالربوبية والأسماء والصفات، وعلى هذا النحو سار السلف الصالح في فهم التوحيد قال ابن عباس رضي الله عنه: في تفسير قوله تعالى ( فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)[92] "أي لا تشركوا به غيره من الأنداد التي لا تضر ولا تنفع وأنتم تعلمون أنه لا رب لكم يرزقكم غيره"[93]، وهذا لا يعني أنه لا يوجد فرق بين أنواع التوحيد، بل هناك فرق، ولكن الإقرار بواحدة منها يستلزم الإقرار بالبقية لأن الرسول r جاء بالتوحيد كاملا، وهذا ما فهمه الصحابة الكرام ومن أتى بعدهم من أهل العلم الثقات، يقول ابن تيمية : "وإقراره بألوهية الله تعالى دون ما سواه يتضمن إقراره بربوبيته، وهو أنه رب كل شي ومليكه وخالقه ومدبره"[94]. وبالجملة يمكن أن يقال إن التوحيد على قسمين قسم يتعلق بالرب وقدرته على الخلق والتدبير وأسمائه وصفاته وأفعاله جل وعلا، وقسم ثاني من التوحيد وهو ما يتعلق بما يصدر من العباد من أفعال يقصد بها التعبد لله تعالى، فيكون هذا القسم شاملا لجميع العبادات، وأن الاختلاف في التقسيم لا يضر طالما أن المضمون ثابت.[95] والخلاصة أنه : لما كان غالب شرك الناس بالله رب العالمين إنما يقع في تقديم شيء من العبادة لغير الله تعالى ، أو سؤال غير الله تعالى والاستعانة به في أمور لا يقدر عليها إلا الله تعالى – لما كان ذلك كذلك - بين الله تعالى في هذه السورة الكريمة ما يجب على العباد من مبايعة رب العالمين على إفراده بالعبادة والاستعانة بقولهم :(إياك نعبد وإياك نستعين)؛ فإفراده بالعبادة يقتضي عدم صرف شيء من العبادات لغير الله تعالى من دعاء أو نسك كالذبح للأولياء ، والطواف حول قبورهم ،والعكوف على أضرحتهم ، والتمسح والتبرك بها ، مع ما يصاحب ذلك من الخشوع والخضوع والرغبة والرهبة والخوف والطمع والإقبال والتبتل ، وغير ذلك من العبادات التي لا تكون لغير الله تعالى. وإفراده سبحانه بالاستعانة يقتضي ترك ذلك كلّه كذلك لأن الدافع الذي يدفع الناس لتقديم تلك العبادات لغير الله تعالى هو اعتقادهم أنهم يملكون لهم شيئا من النفع أو دفع الضر ، ونحو ذلك فيستعينون بهم متوسلين إلى رضاهم عنهم وتحقيق طلبتهم بتقديم تلك العبادات والقرابين ؛ وإن كانت الاستعانة بهم بغير عبادة شرك في حدِّ ذاتها ، وكذلك توجه القلب نحوهم وميله إليهم وتعلقه بهم في كشف الضر ، أو جلب النفع ؛ بل مجرد الاعتقاد بكونهم يملكون ذلك أو يتصفون به هو شرك في ذاته . اشتمال الفاتحة على الإيمان بالملائكة والكتب والرسل: والإشارة إلى ذلك تتضح من قوله تعالى "إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ... (7) فقوله : "إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " دال على الرسالة ؛ لأن العبادة لا تعرف أحكامها إلا عن طريق الرسل ؛ وذلك أن الله تعالى لا يعبد إلا بما شرع ، وبالوجه اللائق به سبحانه ، ولا يقدر قدره أحد ، ولا يعرف ما يليق به إلا بإعلام منه سبحانه ، ولا نعرف ما يحب ، وما يكره من الأفعال إلا بإعلام منه سبحانه ؛ ومن ثم اقتضى ذلك ضرورة إرسال الرسل ، وإنزال الرسالة والكتب ، وهذا الإنزال إنما هو إثبات للواسطة التي نزل بها الوحي وهو الملك ؛ فثبت بذلك كل من الملائكة والكتب والرسل. وكذلك : قوله :" اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ "دال على الرسالة كذلك من جهة أن الهداية وهي البيان والإرشاد لا تحصل إلا عن طريق هاد ومبين ؛ فاقتضى ذلك إنزال الوحي بالكتب المقدسة لبيان الطريق المستقيم ، والوحي والكتاب إنما ينزل به ملك على رسول بشري يصطفيه الله تعالى ليبين للناس ما نزل إليهم ؛ فدل ذلك كذلك على إثبات الملائكة والكتب والرسل. وكذلك قوله :" صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ " لأنَّ الرُّسُلَ صَفوةُ الْمُنعَمِ عليهم . وقد بَيَّنَ الله عَزَّ وَجَلَّ ذلك في قولِه عَزَّ وَجَلَّ : وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (النساء:69) وقوله :â y7Í´¯»s9'ré& z`ƒÏ%©!$# zNyè÷Rr& ª!$# NÎköŽn=tã z`ÏiB z`¿ÍhŠÎ;¨Y9$# á  الآية ([96]) . فبدأ بهم : â ÷bÎ) uqèd žwÎ) î‰ö7tã $uZôJyè÷Rr& Ïmø‹n=tã á ([97]) . â Éb>u‘ ûÓÉ_ôãΗ÷rr& ÷br& uä3ô©r& y7tFyJ÷èÏR ûÓÉL©9$# |MôJyè÷Rr& ¥’n?tã 4’n?tãur ž”t$Ï!¨ur á ([98]) . â yOÏFãƒur ¼çmtFyJ÷èÏR y7ø‹n=tã  á ([99]) الآيات ونحوها . وأما الإيمان باليوم الآخر:فهو ظاهر من قوله تعالى :" مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ" وذلك أن يوم الدين هو يوم الحساب والجزاء ، وهو اليوم الآخر بلا شك , قال ابن كثير:"والدين :الجزاء والحساب؛ كما قال تعالى: { يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ } ، وقال: {أئنا لمدينون } أي مجزيون محاسبون، وفي الحديث: "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت" أي حاسب نفسه لنفسه؛ كما قال عمر رضي الله عنه: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، وتأهبوا للعرض الأكبر على من لا تخفى عليه أعمالكم: { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ } ". وأما الإيمان بالقدر : قال الطوفي : "وأما الإيمانُ بالقدرِ : ففي قوله عَزَّ وَجَلَّ : â x8$§ƒÎ) ߉ç7÷ètR x8$§ƒÎ)ur ÚúüÏètGó¡nS $tRω÷d$# xÞ¨uŽÅ_Ç9$# á إذ فيه بيانُ أنَّ : 1 : الإعانةُ على عبادتِهِ مِنهُ . 2 : والاستعانةُ بهِ والهدايةُ إليه . وإلى الأول الإشارة بقوله عَزَّ وَجَلَّ : â ¼çnãŽÅc£uŠãY|¡sù 3“uŽô£ã‹ù=Ï9 á  ([100]) . â ª!$#ur ö/ä3s)n=s{ $tBur tbqè=yJ÷ès?  á ([101]) ونحوها من الآياتِ المثبتةِ للقدرِ ." قلت : وهاتان الآيتان المذكورتان في الفاتحة : â x8$§ƒÎ) ߉ç7÷ètR x8$§ƒÎ)ur ÚúüÏètGó¡nS $tRω÷d$# xÞ¨uŽÅ_Ç9$# á قد دلتا على الاعتقاد الصحيح في القدر ، وهو معتقد أهل السنة والجماعة ، من إثبات كسب العبد واختياره لأفعاله ، مع اعتقاده أن ذلك كلَّه بقدرة الله تعالى وإرادته وتقديره ؛ وذلك أنه أثبت للعبيد عبادة واستعانة ونسب فعلها إليهم ، فهم أصحابها ، وقد اختاروها وبايعوا الله تعالى عليها دون خلقه ، وهم في الوقت نفسه يقرون أن الهداية لذلك والتوفيق إليه لا يكون بحول منهم ولا قوة ، ولذلك يسألونه الهداية لذلك والتوفيق إليه ، ويستعينون به على الفعل ، وهذا هو الاعتقاد الصحيح في القدر. ومن ثم نتبين اشتمال هذه السورة الكريمة على سائر أركان الإيمان. قال الطوفي : إنَّ القُرآنَ مشتملٌ على مقاصدِ الإيمانِ ؛ وهي : التَّصديقُ باللهِ وملائكَتِهِ وكُتبِه ورسلِه واليومِ الآخرِ والقدرِ خيرِه وشرِّه ، كما ثبتَ ذلكَ في حديثِ جبريلَ في الحديثِ الصَّحيحِ ([102]) . وهذا هو مقصودُ القرآنِ بالذَّات ، ولذلك سمّى (إيماناً) في قوله عَزَّ وَجَلَّ : â `tBur öàÿõ3tƒ Ç`»uKƒM}$$Î/ ô‰s)sù xÝÎ6xm ¼ã&é#yJtã á يعني : بِالقُرآنِ ­ فيما قالَه بعضُهُم ­ . وهذه المقاصد كلها مشارٌ إليها في الفاتحة : 1ـ أما الإيمانُ بالله : ففي قوله عَزَّ وَجَلَّ : â ߉ôJysø9$# ¬! Éb>u‘ tûüÏJn=»yèø9$# á ([103]) فإنَّ إيجابَ الحمدِ لله عَزَّ وَجَلَّ يقتضي أنّه موجودٌ مستحقّ لهُ . 2ـ وأما الإيمانُ بالملائكةِ : فهو في ضِمنَ قَولِه عَزَّ وَجَلَّ ﴿ Éb>u‘ tûüÏJn=»yèø9$# ﴾ إِذ (العالَمون) مَن سِوى الله عَزَّ وَجَلَّ ؛ ومِنهُم : الملائكةُ . وأيضاً في ضمنِ قولِه عَزَّ وَجَلَّ : â xÞ¨uŽÅÀ tûïÏ%©!$# |MôJyè÷Rr& öNÎgø‹n=tã á ([104]) ومِن جُملَةِ المُنْعَمِ عليهِم ذَوي الصِّراطِ المستقيمِ : الملائكة ؛ لقولِه عَزَّ وَجَلَّ في صِفَتِهِم : ⠞w tbqÝÁ÷ètƒ ©!$# !$tB öNèdutBr& tbqè=yèøÿtƒur $tB tbrސsD÷sム á ([105]) وهذا هوَ مقصودُ الصِّراطِ المستقيمِ . 3ـ وأما الإيمان بالكتب : فقد تضمّنه قولُه عَزَّ وَجَلَّ â $tRω÷d$# xÞ¨uŽÅ_Ç9$# zO‹É)tGó¡ßJø9$# á  وهو القرآنُ ­ في أحدِ الأقوالِ ­ ، وهي مُتلازِمَة : فالقرآنُ مُرادٌ على تَجميعِها قصداً أو التِزاماً ، وسؤالُ الهدايةِ يستلزمُ الإيمانَ بهِ ، إذ لا يؤمن بشي لا يَسأل الهداية إليه ، والإيمان به يستلزم الإيمان بجميع كتب الله عَزَّ وَجَلَّ ؛ لأنه موافق مصدِّقْ لها آمرٌ بالإيمان بها . 4ـ وأما الإيمانُ بالرُّسُلِ : فقد تضمّنه قوله عَزَّ وَجَلَّ : â  Éb>u‘ tûüÏJn=»yèø9$# á إذ هم صَفوةُ العالمين ، وأَبْيَنُ منهُ قولُه عَزَّ وَجَلَّ : â xÞ¨uŽÅÀ tûïÏ%©!$# |MôJyè÷Rr& öNÎgø‹n=tã á لأنَّ الرُّسُلَ صَفوةُ الْمُنعَمِ عليهم . وقد بَيَّنَ الله عَزَّ وَجَلَّ ذلك في قولِه عَزَّ وَجَلَّ : â y7Í´¯»s9'ré& z`ƒÏ%©!$# zNyè÷Rr& ª!$# NÎköŽn=tã z`ÏiB z`¿ÍhŠÎ;¨Y9$# á  الآية ([106]) . فبدأ بهم : â ÷bÎ) uqèd žwÎ) î‰ö7tã $uZôJyè÷Rr& Ïmø‹n=tã á ([107]) . â Éb>u‘ ûÓÉ_ôãΗ÷rr& ÷br& uä3ô©r& y7tFyJ÷èÏR ûÓÉL©9$# |MôJyè÷Rr& ¥’n?tã 4’n?tãur ž”t$Ï!¨ur á ([108]) . â yOÏFãƒur ¼çmtFyJ÷èÏR y7ø‹n=tã  á ([109]) الآيات ونحوها . 5ـ وأما الإيمانُ باليومِ الآخرِ : ففي قوله عَزَّ وَجَلَّ : â Å7Ï=»tB ÏQöqtƒ ÈûïÏe$!$# á يعني : يومُ الحسابِ والجزاءِ ، وحين (يُدانُ النَّاس بأعمالِهم) ؛ أي : يُجْزَون . 6ـ وأما الإيمانُ بالقدرِ : ففي قوله عَزَّ وَجَلَّ : â x8$§ƒÎ) ߉ç7÷ètR x8$§ƒÎ)ur ÚúüÏètGó¡nS $tRω÷d$# xÞ¨uŽÅ_Ç9$# á إذ فيه بيانُ أنَّ : 1 : الإعانةُ على عبادتِهِ مِنهُ . 2 : والاستعانةُ بهِ والهدايةُ إليه . وإلى الأول الإشارة بقوله عَزَّ وَجَلَّ : â ¼çnãŽÅc£uŠãY|¡sù 3“uŽô£ã‹ù=Ï9 á  ([110]) . â ª!$#ur ö/ä3s)n=s{ $tBur tbqè=yJ÷ès?  á ([111]) ونحوها من الآياتِ المثبتةِ للقدرِ . فأَمَّا ما في القرآنَ مِن القَصَّصِ وأخبارِ الأوّلينَ والآخرين : فهو خارجٌ مَخرَج التَّكملة للمقاصدِ المذكورة ، وربَّما تضّمنه قوله عَزَّ وَجَلَّ : â xÞ¨uŽÅÀ tûïÏ%©!$# |MôJyè÷Rr& öNÎgø‹n=tã á  إلى آخرِ السورةِ ؛ لأنَّ الْمُخْبَرَ عنهم في القرآنِ لا يخرجونَ عن أن يكونوا : مُنعَماً عليهم ، أو مغضوباً عليهم ، أو مهتدين ، أو ضالين، فهذا وجه ." قلت : فمن ذهب إلى أن القرآن كله في التوحيد جعل ما فيه من القصص ومن الأحكام من مكملات التوحيد ؛ فالأحكام كلها هي حقوق التوحيد والعبودية ، وهي المشار إليها في قوله تعالى : (إياك نعبد وإياك نستعين) وأما القصص ففيه بيان المؤمنين وعاقبتهم ، وبيان الكافرين ومآلهم ، وهو مشار إليه في قوله : (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (7) فقد اشتمل على الإشارة لحال الذبن أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ممن فصل القرآن قصصهم وأحوالهم. كما أشار للمغضوب عليهم والضالين من اليهود والنصارى والمشركين والكافرين ممن فصل القرآن قصصهم وأحوالهم كذلك. فأيا ما قلت في القرآن من جهة كونه كله في التوحيد ، أو قلت إنه أقسام ثلاثة :
  • توحيد
  • أحكام
  • قصص
فالفاتحة مشتملة على ذلك كلِّه كما بينا . على أن القولين يرجعان عند التحقيق إلى قول واحد ؛ لأن من قال :إن القرآن كله في التوحيد جعل الأحكام والقصص من مكملات التوحيد . قال الطوفي :
  • والوَجْهُ الثَّانِي([112])
أنَّ القرآنَ مشتمِلٌ على : الوعدِ والوعيدِ ، والحلالِ والحرامِ ، وغيرهما مِن الأحكامِ ، والقَصَصِ والأخبارِ : أما الوَعدُ : ففي ضمن قوله عَزَّ وَجَلَّ : â Ç`»uH÷q§9$# ÉOŠÏm§9$#  á وقوله عَزَّ وَجَلَّ : â xÞ¨uŽÅÀ tûïÏ%©!$# |MôJyè÷Rr& öNÎgø‹n=tã á والوعدُ فيه ظاهرٌ ؛ لاشتمالِهِ على صِفَتَي الرَّحمة والإِنعام . وأما الوَعيدُ : ففي قوله عَزَّ وَجَلَّ : â Å7Ï=»tB ÏQöqtƒ ÈûïÏe$!$# á إذ فيه إشارة إلى أنه عَزَّ وَجَلَّ : مالكُ يومِ الحسابِ والجزاءِ ، فيُجازي كُلاًّ بِفِعلِهِ : â tPöqtƒ Ÿw à7Ï=ôJs? Ó§øÿtR <§øÿuZÏj9 $Z«ø‹x©( ãøBF{$#ur 7‹Í´tBöqtƒ °! ÇÊÒÈ á وأيضاً قوله عَزَّ وَجَلَّ : â Ύöxî ÅUqàÒøóyJø9$# óOÎgø‹n=tæ Ÿwur tûüÏj9!$žÒ9$# á لأنَّ صِفَتَي الغَضَبِ والضَّلالِ تَقتَضِيانِ تَرَتُّبَ الوَعيدِ عليهما . وأمَّا الحلالُ والحرامُ ونحوهما مِن الأحكامِ : ففي قوله عَزَّ وَجَلَّ : â Å7Ï=»tB ÏQöqtƒ ÈûïÏe$!$# á إذ المراد ﺑ(الدينِ) الجزاءُ المستلزِم للتَّكليفِ بأحكامِ الأفعالِ الْمُجازَى عليهِ مِن إيجابٍ وحَظرٍ وكراهَةٍ ونَدبٍ . وكذا قوله عَزَّ وَجَلَّ : â x8$§ƒÎ) ߉ç7÷ètR á فصرَّحَ بلفظِ (التَّعبُّدِ) الذي هو مِن التَّكليفِ الموجِبِ لوجودِ الأحكامِ على المكلّفينَ . وأما القَصَصُ والأخبارُ : ففي قوله عَزَّ وَجَلَّ :  â xÞ¨uŽÅÀ tûïÏ%©!$# |MôJyè÷Rr& öNÎgø‹n=tã á إلى آخر السورة . ويقرّره ما مرّ في الوجه قبله من أن المخبر عنهم : إما منعَمٌ عليه ، أو مغضوب عليه ، أو مهتدٍ ، أو ضال . وما كان من الأخبار المعاد ، ففي قوله عَزَّ وَجَلَّ : â Å7Ï=»tB ÏQöqtƒ ÈûïÏe$!$# á وهي مذكورة في كتاب (العاقبة) وكتاب (البعث والنشور) وغيرها من كتب السنة .   الوجه الثالث : أنَّ القرآنَ لا يخرجُ عن أنْ يكونَ ثناءً على الله عَزَّ وَجَلَّ ، أو عبادةً له سبحانه وتعالى . والفاتحة : أوّلُها ثناءٌ ، وآخرُها عِبادَةٌ - أعني : دعاءً إليها - . والعِبادَةُ : ـ تارة : تكون بدعاءٍ نحو (اهدنا) وهو مخّ العبادة ­ كما صحّ به الحديث ­ ([113]) ، ودلّ عليه قوله عَزَّ وَجَلَّ : â tA$s%ur ãNà6š/u‘ : þ’ÏTqããôŠ$# ó=ÅftGó™r& öNä3s9 4 ، ¨bÎ) šúïÏ%©!$# tbrãŽÉ9õ3tGó¡o„ ô`t㠒ÏAyŠ$t6Ïã á الآية ([114]) . ـ وتارة : بغيرِ الدّعاءِ نحو : â x8$§ƒÎ) ߉ç7÷ètR x8$§ƒÎ)ur ÚúüÏètGó¡nS á . فهذهِ ثلاثُ أوجهٍ في بيانِ اشتمالِ الفاتحةِ على مقاصدِ القُرآنِ من حيث الإجمالِ ، وربَّما أمكنَ استخراجُ غيرِها عندَ إمعانِ النَّظرِ ، لكنّي لم أَستَقصِهِ وإنَّما أورَدتُ ما ظَهَر.   قلت وقد بين غيره وجوها أخرى لاشتمال الفاتحة على جميع مقاصد القرآن ؛ فمن ذلك ما ذكره الطاهر بن عاشور في تفسيره قال: "ووجه تسميتها أم القرآن أن الأم يطلق على أصل الشيء ومنشئه ،... وقد ذكروا لتسمية الفاتحة أم القرآن وجوها ثلاثة :
  • أحدها أنها مبدؤه ومفتتحه فكأنها أصله ومنشؤه يعني أن افتتاحه الذي هو وجود أول أجزاء لقرآن قد ظهر فيها فجعلت كالأم للولد في أنها الأصل والمنشأ فيكون أم القرآن تشبيها بالأم التي هي منشأ الولد لمشابهتها بالمنشأ من حيث ابتداء الظهور والوجود .
  • الثاني أنها تشتمل محتوياتها على أنواع مقاصد القرآن وهي ثلاثة أنواع :
    • الثناء على الله ثناء جامعا لوصفه بجميع المحامد وتنزيهه من جميع النقائص ولإثبات تفرده بالإلهية وإثبات البعث والجزاء وذلك من قوله ( الحمد لله ) إلى قوله ( ملك يوم الدين )
    • والأوامر والنواهي من قوله ( إياك نعبد )
    • والوعد والوعيد من قوله ( صراط الذين ) إلى آخرها فهذه هي أنواع مقاصد القرآن كله ،وغيرها تكملات لها لأن القصد من القرآن إبلاغ مقاصده الأصلية وهي صلاح الدارين وذلك يحصل بالأوامر والنواهي .
ولما توقفت الأوامر والنواهي على معرفة الآمر وأنه الله الواجب وجوده خالق الخلق لزم تحقيق معنى الصفات ولما توقف تمام الامتثال على الرجاء في الثواب والخوف من العقاب لزم تحقق الوعد والوعيد . والفاتحة مشتملة على هاته الأنواع فإن قوله ( الحمد لله ) إلى قوله ( يوم الدين ) حمد وثناء وقوله ( إياك نعبد ) إلى قوله ( المستقيم ) من نوع الأوامر والنواهي وقوله صراط الذين إلى آخرها من نوع الوعد والوعيد مع أن ذكر المغضوب عليهم والضالين يشير أيضا إلى نوع قصص القرآن وقد يؤيد هذا الوجه بما ورد في الصحيح في ( قل هو الله أحد) أنها تعدل ثلث القرآن لأن ألفاظها كلها ثناء على الله تعالى .
  • الثالث أنها تشتمل معانيها على جملة معاني القرآن من الحكم النظرية والأحكام العملية فإن معاني القرآن:
    • إما علوم تقصد معرفتها
    • وإما أحكام يقصد منها العمل بها
فالعلوم كالتوحيد والصفات والنبوءات والمواعظ والأمثال والحكم والقصص إما عمل الجوارح وهو العبادات والمعاملات وإما عمل القلوب أي العقول وهو تهذيب الأخلاق وآداب الشريعة وكلها تشتمل عليها معاني الفاتحة بدلالة المطابقة أو التضمن أو الالتزام ف ( الحمد لله ) يشمل سائر صفات الكمال التي استحق الله لأجلها حصر الحمد له تعالى بناء على ما تدل عليه جملة ( الحمد لله ) من اختصاص جنس الحمد به تعالى واستحقاقه لذلك الاختصاص كما سيأتي و ( رب العالمين ) يشمل سائر صفات الأفعال والتكوين عند من أثبتها و ( الرحمن الرحيم ) يشمل أصول التشريع الراجعة للرحمة بالمكلفين و ( ملك يوم الدين ) يشمل أحوال القيامة و ( إياك نعبد ) يجمع معنى الديانة والشريعة و ( إياك نستعين ) يجمع معنى الإخلاص لله في الأعمال . قال عز الدين بن عبد السلام في كتابه حل الرموز ومفاتيح الكنوز : الطريقة إلى الله لها ظاهر " أي عمل ظاهر أي بدني " وباطن " أي عمل قلبي " فظاهرها الشريعة وباطنها الحقيقة والمراد من الشريعة والحقيقة إقامة العبودية على الوجه المراد من المكلف . ويجمع الشريعة والحقيقة كلمتان هما قوله ( إياك نعبد وإياك نستعين ) ( فإياك نعبد ) شريعة ( وإياك نستعين ) حقيقة اهـ . و ( اهدنا الصراط المستقيم ) يشمل الأحوال الإنسانية وأحكامها من عبادات ومعاملات وآداب و ( صراط الذين أنعمت عليهم ) يشير إلى أحوال الأمم والأفراد الماضية الفاضلة وقوله ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) يشمل سائر قصص الأمم الضالة ويشير إلى تفاصيل ضلالاتهم المحكية عنهم في القرآن فلا جرم يحصل من معاني الفاتحة - تصريحا وتضمنا - علم إجمالي بما حواه القرآن من الأغراض . وذلك يدعو نفس قارئها إلى تطلب التفصيل على حسب التمكن والقابلية . ولأجل هذا فرضت قراءة الفاتحة في كل ركعة من الصلاة حرصا على التذكير لما في مطاويها ."   قلت :ويمكن ان ينظر إلى الفاتحة كذلك من جهة كونها مقدمة للكتاب – من زاوية أخرى ؛ وذلك أنه لما كان القارئ لكتاب الله تعالى – سواء كان في الصلاة أم خارجها - إنما هو بمثابة الواقف  بين يدي الملك يتلقى خطابه وأوامره ، وكانت الفاتحة هي مفتتح كلامه مع الملك سبحانه ؛ لذا فقد وجب التأدب في ذلك بأدب الحديث مع الملوك وأدب الدخول عليهم – لا سيما إن كان ملك الملوك ورب الأرباب – ولما كان القرآن قد جرى على عادة العرب في ذلك في الدخول على الملوك – وهو المتبع كذلك إلى اليوم عند كل قوم إذا دخلوا على ملوكهم ورؤساهم ؛ فلا بد في ذلك من البدء بالحمد والثناء عليهم والتمجيد والتعظيم لهم ؛ ثم التثنية بتعريف الوفد بأنفسهم وإعلانهم الولاء والطاعة والبيعة لمن دخلوا عليه من الملوك ، ثم الختم بذكر حاجتهم ومقصودهم وطلبتهم من الملك. وهذا كله مذكور في سورة الفاتحة فتأمل استفتاحه واستئذانه في الدخول عليه بقوله : بسم الله الرحمن الرحيم وتأمل دخوله عليه بالحمد والمدح والثناء والتمجيد والتعظيم في قول العبد مخاطبا ربه : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) حيث أفرده باستحقاق الحمد كله ، ووصفه بربوبية العالمين ، فهو مالك العوالم كلها  وسيدها ومدبر لأمرها ومصلحها ، وأثنى عليه بصفتي الرحمانية والرحيمية للدلالة على اتساع رحمته ودوامها ، ومجده بما له من تفرد بالملك والمالكية في يوم الدين وحده . وتأمل تعريفه بنفسه بقوله :" إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ "(5) ،وما فيها من مبايعة على العبادة والخضوع والطاعة والالتجاء إليه وحده دون من سواه . ثم تأمل سؤالهم إياه حاجتهم في قولهم :" اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (7) وتأمل بعد ذلك الحديث القدسي :" قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، ولعبدي ما سألَ - وفي رواية فنصفها لي ، ونصفها لعبدي - فإذا قال العبد : « الحمد لله رب العالمين » قال الله : حمدَني عبدي ، وإذا قال : « الرحمن الرحيم » قال الله : أثْنَى عليَّ عبدي ، وإذا قال : « مَالكِ يومِ الدين » قال مجَّدَني عبدي - وقال مرَّة : فوَّضَ إليَّ عبدي - وإذا قال :{ إيَّاكَ نعبُدُ وإيَّاكَ نَسْتَعِينُ } قال : هذا بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل ، فإذا قال : { اهْدِنَا الصِّراطَ المُستَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عليْهِمْ ، غيرِ المغْضوبِ عَلَيْهِمْ ولا الضَّالِّينَ } قال : هذا بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل ». أخرجه مسلم والموطأ والترمذي والنسائي. فإنك إذا تأملت هذا الحديث تبين لك صدق ما أوردناه وصحة ما استنبطناه من ذلك ، والله تعالى أعلم.       بلاغة السورة وبعض لطائفها     بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (7)   قوله تعالى :"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" هذه الآية الكريمة اختلف فيها : هل هي آية من الفاتحة أم من أولها ، أم من أول كل سورة ، أم هي آية مستقلة في كل سورة . والحقيقة أن هذه الوجوه كلها تأتي مستقيمة مع القيمة الدلالية لهذه السورة مما يجعلها صالحة لأن تكون مفتتحا لسور القرآن ، أو آية مستقلة كذلك ؛ وذلك لأننا إذا تأملنا هذه الآية وجدناها تتسم بقدر من العموم يجعلها صالحة لكي تكون مفتاحا ومفتتحا لكل خير . والعجيب أن هذا العموم والشمول الذي تتسم به هذه الكلمة إنما يأتيها لا من جهة ما تشتمل عليه من حروفها وكلماتها ، وإنما يأتيها من جهة ما حذف منها ؛ ومن ثم فإن مصدر العجب أن الجمال والبلاغة في هذه الآية الكريمة إنما يرجع لما فيها من حذف متعلق الجار والمجرور في (بِسْمِ اللَّهِ ) ؛ حيث صارت هذه الجملة – بهذا الحذف – فاتحة لكلِّ خير ؛ لأن حذف المتعلق أكسبها نوعا من العموم لا حصر له من وجوه الخير ؛ لأنها لو قيدت بمتعلق ما نحو : أقرأ بسم الله ، أو أصلي ، أستعين ، ونحو ذلك – لصارت مقصورة المعنى والفائدة على ذلك ، أما وقد أطلقت فقد صارت بذلك صالحة لكل خير ؛ فيصلح أن تقدر ما سبق ، ويصلح أن تقدر :( آكل – أشرب – أدخل - أخرج – أنام - أصحو – أقوم – أقعد – آتي أهلي – أقاتل – أجاهد – أنسك – أذبح – أكتب – أعمل – أفتح – أغلق .....إلخ مما لا حصر له من وجوه الخير. وحصر استعمالها في وجوه الخير من جهة أنه يصح أن يكون المعنى في (بسم الله أفعل كذا) : أي بإذنه سبحانه ؛ ومن ثم تصير تلك الكلمة فارقة بين الحلال والحرام ؛ فأنت لا تقول : ( بسم الله ) على ما هو محرم عليك من مأكل ومشرب ومنكح وغير ذلك ؛ لأنه لا يكون ذلك بسم الله أبدا ؛ فهو مما لم يأذن الله تعالى فيه. ثم إنك في قولك : ( بسم الله الرحمن الرحيم أفعل كذا )أنت مستجلب للطفه ورحمته سبحانه حيث نعته بهاتين الصفتين مما يبين أن استعانتك به وتبركك به وتعلقك به إنما هو لأجل ما وصف به من الرحمة ح فهذا مقصودك الأعظم من استعانتك به على هذه الصفة. قوله تعالى :" الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)" هذا إخبار أن الحمد كلَّه مستَحق لله تعالى وحده دون ما سواه ، وهو وإن كان خبرا فهو في معنى الإنشاء ؛ إذ التقدير : قولوا : " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)" فقد علمنا الحق سبحانه كيف نحمده ، ونثني عليه إذا وقفنا بين يديه . وجمع لنفسه سبحانه بين الوصف بالألوهية والربوبية ؛ لأن حمده مستحق له سبحانه لذلك كله لألوهيته وربوبيته ؛ فله الحمد لاتصافه بصفات الكمال في الألوهية والربوبية . وجعل لنفسه – سبحانه - كمال الحمد في مقابل كمال الصفات . فهو رب العالمين جميعا نم إنس وجنٍّ وملك ووحش وطير ...إلخ وهو الرحمن الواسع الرحمة لخلقه جميعا مؤمنهم وكافرهم ، عاقلا وغير عاقل . وهو الرحيم الدائم الرحمة لعباده المؤمنين في آخرته . فـ(الرحيم) لاختصاص المؤمنين برحمة خاصة في الآخرة ، أما (الرحمن) فهو دال على اتساع رحمته في الدنيا لخلقه جميعا مؤمنهم وكافرهم ، إنسهم وجنهم ، حتى يشمل كل دابة في الأرض ، وطائر في السماء ؛ وذلك أن الرحمن صيغة على وزن فعلان تدل على السعة ([115]) وهو مالك يوم الدين ؛ حيث يفصل بين عباده في هذا اليوم الآخر ، ويقضي بينهم فيه بالحق ، فيعطي كلا جزاءه ويدين كلا بما عمل. وقوله تعالى : إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) فيه ما يعرف في البلاغة بالالتفات ([116]) وذلك أن الخطاب في سورة الفاتحة قد بدأ بصيغة الغائب ثم تحول إلى الخطاب ؛ حيث جاء الحديث عنه سبحانه بصيغة الغائب ؛ فقيل : الحمد لله على أنه غائب عن العبد، ولم يقل الحمد لك يا رب على الخطاب ، واستمر على ذلك في الآيات بعدها على الغيبة ، ثم التفت أي انتقل إلى صيغة أخرى هي صيغة الخطاب ، فقال :" إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) والسر في ذلك هو مراعاة حال العبد ؛ حيث يكون غافلا في أول القراءة فكأن الله غائب عنه – بالنسبة له ، وهو لا يزال يتعرف عليه شيئا فشيئا ، فيقرأ : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فيعرفه بربوبيته العامة الشاملة لجميع خلقه ، ثم يقرأ : الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، فيعرفه برحمته العامة والخاصة في الدنيا والآخرة ، ثم يقرأ : مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ          ، فيعرف أن إليه المرجع والمصير ،وبيده الجزاء وحده ، فيتعلق قلبه به رغبة ورهبة ، فلا يملك إلا أن يتوجه إليه مخاطبا إياه مقرا بعبوديته ووحدانيته مفردا إياه بالاستعانة حيث لا ملجأ منه إلا إليه ؛ فيقول داعيا إياه: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (7) وفي قوله :  إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) قدم المفعول للاختصاص ، أي نعبدك وحدك لا نعبد سواك ، ونستعين بك وحدك دون من سواك . وفي اختيار الضمائر الدالة على الجمع في : نعبد ، واهدنا : لمحة تدل على قيمة الجماعة ، وهضم الذات أمام الملك ، وأن العبد لا يغتر بسعيه ، بل يتوجه إلى مولاه مستشفعا بمن هو معهم من زمرة الصالحين – لا سيما إن كان في صلاة الجماعة . وفي قوله تعالى : اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (7) أربع كنايات:
  • الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ : كناية عن الإسلام.
  • الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ : كناية عن أتباع الحق
  • الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ : كناية عن اليهود
  • الضَّالِّينَ :   كناية عن النصارى
وقد وردت  الآثار عن السلف بتأييد ذلك.         بلاغة المتشابه في سورة الفاتحة   متشابه﴿سورة الفاتحة﴾ عند الإمام الكرماني: قال رحمه الله : "أوَّلُ المتشابهات قوله: (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ) فيمن جعل (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) آية([117]) من الفاتحة، وفي تكراره قولان: قال علي بن عيسى([118]): "إنما كرر للتوكيد، وأنشد قول الشاعر: هلا سألتِ جموعَ كِندَة     يومَ ولَّوا أينَ أَيَنـا وقال قاسمُ بنُ حبيبٍ([119]): "إنما كرر لأن المعنى وجب الحمدُ لله لأنه الرحمن الرحيم" ، قلت: "إنما كرر لأن الرحمةَ هي الإنعامُ على المحتاج ، وذكر في الآية الأولى المنعِمَ ولم يذكر المنعَمَ عليهم فأعادها مع ذكرِهم وقال: (رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ) لهم جميعًا ينعم عليهم ويرزقهم (الرَّحِيمِ (بالمؤمنين خاصة يوم الدين ينعمُ عليهم ويغفرُ لهم. قوله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) كرَّرَ إيَّاكَ وقدَّمَه ولم يقتصرْ على ذكره مرة ،كما اقتصر على ذكر أحد المفعولين في آيات كثيرة منها (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى)([120]) أي: ما قلاك وكذلك الآيات التي بعدها معناها: فآواك ، فهداك ، فأغناك ؛ لأن في التقديم فائدةً وهي قطعُ الاشتراكِ، ولو حُذِفَ لم يدلْ على التقديم؛ لأنك لو قلت: "إيَّاكَ نَعْبُدُ ونَسْتَعِينُ" لم يظهر أن التقديرَ "إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ" أم "إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَنَسْتَعِينُك" فكرَّرَه([121]). قوله تعالى: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) كرَّرَ الصراط   لِعِلَّةٍ تَقْرُبُ مما ذكرت في (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) وذلك أن الصراطَ هو المكانُ المهيَّأُ للسلوك؛ فذكر في الأولِ المكانَ ولم يذكر السالكين، فأعاده مع ذكرِهم فقال: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) أي الذي يسلكه النبيون والمؤمنون؛ ولهذا كرر أيضا في قوله:) ...إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ)([122]) لأنه ذكر المكان المهيأ ، ولم يذكر المهيئ. فأعاده مع ذكره فقال: (صِرَاطِ اللَّهِ) أي الذي هيأه للسالكين. قوله: (عليهم) ليس بتكرار؛ لأن كلَّ واحدٍ منهما متصلٌ بفعلٍ غيرِ الآخرِ وهو:  الإنعامُ، والغضبُ وكلُّ واحدٍ منهما يقتضيه اللفظُ، وما كان هذا سبيلُه فليس بتكرارٍ ولا من المتشابه.   بلاغة متشابه سُورَة الفَاتِحة في كتاب فتح الرحمن للشيخ زكريا الأنصاري 1 - قوله تعالى : (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم) أي أبتدىءُ . وتقديرُ العامِل مؤخراً كما صنعتُ أولى من تقديمه ليفيد الاختصاص ، والاهتمام بشأن المقدَّم . وإِنَّما قُدِّم في قوله " اقرأ باسم ربك " للاهتمام بالقرآن ، لأن ذلك أوَّلُ سورةٍ نزلت. 2 - قوله تعالى : (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) كررره لأن الرحمة هي الِإنعامُ على المحتاج ، وذكرَ في الآية الأولى المُنعِمَ دونَ المُنْعَمِ عليهم ، وأعادها مع ذكرهم بقوله (رَبِّ العَاَلمينَ) الخ.فإِن قلتَ : الرحمنُ أبلغ من الرحيم فكيف قدَّمه ؟ وعادةُ العرب في صفات المدح الترقّي من " الأدنى " إلى " الأعلى " كقولهم : فلانٌ عالمٌ نِحرير . . لأن ذكر الأعلى أوّلًا ، ثم الأدنى ، لم يتجدد بذكر الأدنى فائدة ، بخلاف عكسه ؟!قلت : إن كانا بمعنى واحدٍ كندمان ونديم ، كما قال الجوهري وغيره فلا إشكال ، أو بأنَّ " الرحمن " أبلغ كما عليه الأكثر ، فإِنما قدَّمه لأنه اسمٌ خاصٌ باللّه تعالى كلفظ " اللّه ". 3 - قوله تعالى : (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) كرَّر (وإِيَّاكَ) لأنه لو حذفه في الثاني لفاتت فائدة التقديم ، وهي قطع الاشتراك بين العاملَيْن ، إذ لو قال : " إِيَّاكَ نعبدُ ونستعينُ " لم يظهر أن التقدير إِيَّاكَ نعبدُ وإِيَّاكَ نستعين . . أو إِيَّاكَ نعبدُ ونستعينك!!فإِن قلتَ : إذا كان " نستعينك " مفيداً لقطع الاشتراك بين العامِلَيْن ، فلِمَ عَدَلَ عنه مع أنه أخصرُ ، إِلى " وإِيَّاكَ نستعين " ؟ قلتُ : عَدَلَ إليه ليفيد الحصر بين العامليْن مع أنه أخصر. فإِن قلتَ : فلمَ قَدَّمَ العبادة على الاستعانة ، مع أن الاستعانة مقدمة ، لأن العبد يستعين اللَّهَ على العبادة ليُعينه عليها ؟قلتُ : الوَاوُ لا . تقتضي الترتيبَ ، أو المرادُ بالعبادةِ التوحيدُ وهو مقدَّم على الاستعانة على سائر العبادات . 4 - قوله تعالى : (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ). كرَّرَ " الصراط " لأنه المكان المهيَّأُ للسّلوك ، فذكر في الأول المكان دون السَّالك ، فأعاده مع ذكره بقوله (صراطَ الّذينَ أنعَمْتَ عليهم) الخ . . المصرَّح فيه بما يخرج " اليهود " وهم المغضوب عليهم ، و " النصارى " وهم الضالُّون. فإِن قلتَ : المراد " بالصراط المستقيم " الِإسلامُ ، أو القرآن ، أو طريق الجنة كما قيل . . والمؤمنون مهتدون إلى ذلك ، فما معنى طلب الهداية له ، إذ فيه تحصيلُ الحاصل ؟ قلتُ : معناه ثبِّتْنا وأَدِمْنا عليه مع الاستقامة كما في قوله (يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا باللَّهِ). فإِن قلتَ : ما فائدةُ دخول " لا " في قوله (وَلَا الضَّالين) مع أن الكلام بدونها كافٍ في المقصود ؟قلتُ : فائدتُه توكيدُ النفي المفاد من " غير " .   بلاغة متشابه سُورَة الفَاتِحة في كتاب كشف المعاني للإمام ابن جماعة بسم الله الرحمن الرحيم مسألة : إذا كان المراد بالبسملة الاستعانة به تعالى ، فما فائدة إقحام الاسم بين الباء وبين لفظة الجلالة مع أن الاستعانة به لا بنفس الاسم (1) ؟ . جوابه : أن القصد به التعظيم والإجلال لذاته تعالى ، ومنه : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى و (تبارك اسم ربك ). لم اختصت البسملة بهذه الأسماء الثلاثة ؟ أما الأول : فلأنه اسم المعبود المستحق للعبادة دون غيره ، ________ (1) معنى الحال : لماذا قيل : باسم الله ، ولم يقل بالله وهو أصل التعبير لأن الاستعانة بالله لا بالاسم.   والموجد لعباده. والثاني والثالث : تنبيه على المقتضى لسؤال الاستعانة به ، وهو سعة رحمته لعباده. 3 - مسألة : فما فائدة إعادتها ثانيا بعد الحمد ؟ جوابه : التنبيه على الصفات المقتضية لحمده وشكره وهي : سعة رحمته تعالى لعباده ، ولطفه ، ورزقه ، وأنواع نعمه. فالأول : توكيد الاستعانة ، والثاني : توكيد الشكر. وهذه الآية جمعت ما لم يجتمع في آية غيرها ، وهو : أنها آية مستقلة في الفاتحة عند من قال به. وهي بعض آية في النمل. وربعها الأول بعض آية في : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ . ونصفها الأول بعض آية في هود : (بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا . وربعها الثاني بعض آية فى الرحمن : (الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ ) ونصفها الثانى آية فى الفاتحة ، وبعض آية فى سورة البقرة هو : (الرحمن الرحيم ) 5 - مسألة : (الرحمن الرحيم ) ؟ ذكر المفسرون في إيراد الاسمين مع اتحاد المعنى فيهما معاني كثيرة مذكورة في كتب التفسير لم نطل بها هنا. وأحسن ما يقال مما لم أقف عليه في تفسير : أن (فعلان) صيغة مبالغة في كثرة الشىء وعظمه ، والامتلاء منه ، ولا يلزم منه الدوام لذلك ، كغضبان ، وسكران ، ونومان. وصيغة (فعيل) لدوام الصفة ، ككريم ، وظريف. فكأنه قيل : العظيم الرحمة ، الدائمها. ولذلك : لما تفرد الرب سبحانه بعظم رحمته لم يسم بالرحمن وبالألف واللام) ( 1 ) غيره. ما فائدة تقديم الرحمن على الرحيم ؟ . جوابه : لما كانت رحمته في الدنيا عامة للمؤمنين والكافرين : قدم الرحمن). وفى الآخرة دائمة لأهل الجنة لا تنقطع قيل : الرحيم ثانيا. ولذلك يقال : رحمن الدنيا ، ورحيم الآخرة. __________ ( 1 ) هذا المعنى اللطيف من المعاني التي تفرد بذكرها واستنباطها مؤلف هذا الكتاب العلامة بدر الدين بن جماعة بشهادة تلميذه تاج الدين السبكى في كتابه طبقات الي الشافعية الكبرى ج 5 : 232. 6- مسألة : ما فائدة العدول من الغيبة إلى الخطاب - ص 28 - في قوله تعالى : وإياك نعبد* ؟ جوابه : أن الخطاب للحاضر ، والاستعانة به أقرب إلى حصول المطلوب من خطاب الغائب والله أعلم. 7 - مسألة : إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ؟ . جوابه 11) : كررت إياك المفيدة للحصر إذا تقدمت : للتصريح بتوكيد حصر الإخلاص في العبادة له ، وحصر الاستعانة أيضا به تعالى. 8 - مسألة : كرر لفظ (الصراط) ثانيا ؟ . جوابه 2) : لبيان وصف سالكيه المنعم عليهم.فالأول : وصفه بالاستقامة. والثاني : بوصف سالكيه من السفرة والصديقين. ولما كان الطريق تقتضي الرفيق نبه تعالى عليه بقوله تعالى : (وحسن أولئك رفيقا. 9 - مسألة : (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ؟ . جوابه : تصريح بإضافة النعم إليه دون الغضب ، فلذلك لم يقل : غير الذين غضبت عليهم كما قال أنعمت عليهم ، وهو من باب الأدب من السائل في حال السؤال ومنه : ببيدك الخير ولم يقل والشر ، ونبه على ضده بقوله : إنك على كل شىء قدير* .   بلاغة متشابه سُورَة الفَاتِحة في كتاب ملاك التأويل للإمام الغرناطي سورة أم القرآن غ _ وهى بجملتها من مغفلات صاحب كتاب الدرة وكذا ما بعد إلى الآية السادسة من سورة البقرة وهى قوله تعالى :"وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة". وقد تقدم أني أعلم على المغفل بعلامة غ. وأرجع إلى أم القرآن فأقول: هى أم القرآن وطلع الكتاب العزيز وأول سورة في الترتيب الثابت ومشروعية حمده سبحانه فى ابتداء الأمور وختامها متقرر معلوم وقد تكرر فى الكتاب العزيز افتتاحا واختتاما ، وأمر الله به نبيه صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى"وقل الحمد لله" والمتردد من صفة حمدة حمده سبحانه في معظم الوارد منه في الكتاب العزيز ما افتتحت به أم القرآن من قوله تعالى"الحمد لله" وما ورد في سورة الجاثية من قولع"فلله الحمد"[آية 36] ثم وقع إتباع المفتتح من السور بحمده جل وتعالى بأوصاف مختلفات مما انفرد به سبحانه فالسائل أن يسأل في ذلك أربعة سؤالات: السؤال الأول: ما الفرق بين الوارد في أم القرآن وما جرى مجراها مما افتتح بقوله"الحمد لله "وبين الواقع في سورة الجاثية من قوله"فلله الحمد"؟ السؤال الثاني: ما وجه افتتاح السور الخمس وهى: سورة أم القرآن و الأنعام والكهف وسبأ وفاطر بقوله"الحمد لله" واختصاصها بذلك مع تساوي السور كلها في استقلالها بأنفسها وامتياز بغضها من بعض؟ السؤال الثالث: ما وجه تخصيص كل آية منها بما ورد من أوصافه تعالى المتبع بها حمده؟ ففى أم القرآن:"الحمد لله رب العالمين" وفي الأنعام:"الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور" وفي الكهف:"الذي أنزل على عبده الكتاب" وفي سبأ:"الذي له ما في السماوات وما في الأرض" وفي فاطر:"فاطر السماوات والأرض". فهل هذا التخصيص لمناسبة تقتضيه حتى لا يلائم سورة منها من ذلك في غيرها؟ السؤال الرابع:ما وجه كون الوارد من حمده في الخواتم والانتهاءات لم يطرد فيه ما أطرد في افتتاح هذه السور من اختلاف التوابع بل جرى على أسلوب واحد فقال سبحانه:"فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين" وقال تعالى:"وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين" وقال تعالى:"وقضى بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين" وقال تعالى:"وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين" فورد هذا مكتفي فيه بوصفه سبحانه بأنه رب العالمين (1/6) والجواب عن السؤال الأول: بعد تمهيده وهو أن نقول أن قوله تعالى:"الحمد لله" مبتدأ وخبر وكذلك قوله:"فلله الحمد" وتأخر في هذه الثانية المبتدأ ، والحاصل في الموضعين معنى واحد وهو حمده سبحانه بما هو أصله. ومعلوم أن التقديم والتأخير فيما بين المبتدأ والخبر إذا لم يقع عارض مما يعرض في التركيب،ككون المبيدأ مما يلزم صدر الكلام ،أو كون الخبر كذلك ، فيلزم تقديم ما له الصدرية الى غير ذلك من العوارض وهى كثيرة ،فما لم يعرض عارض يوجب لأحدهما التقديم أو التأخير فتقديم أيهما كان وتأخير الآخر عربي فصيح،إلا أن مرتبة المبتدأ التقديم ليبنى عليه الخبر،فتقديمه عند عدم العوارض اللفظية أولى كما فى القرآن. وإذا وضح هذا فللسائل أن يقول:ما الموجب لتقديم الخبر على المبتدإ فى سورة الجاثية؟ وهل كان يسوغ عكس الواقع؟ والجواب: أن العوارض المووجبة لتقديم ما مرتبته التأخير وتأخير ما مرتبته التقديم ليست منحصرة فى جهة التركيب اللفظي، بل قد يعرض من جهة المعنى. وتقدير الكلام ما يقتضى ذلك ويوجبه. وإذا تقرر هذا فنقول: إن قوله تعالى:"فلله الحمد" ورد على تقدير الجواب بعد إرغام المكذب وقهره ووقوع الأمر مطابقاً لأخبار الرسل عليه السلام، وظهور ما كذب الجاحد به،فعند وضوح الأمر كأن قد قيل لمن الحمد ومن أهله؟ فكان الجواب على ذلك فقيل:"فلله الحمد". نظير هذا قوله تعالى:"لمن الملك"؟ ثم قال:"لله الواحد القهار"، ألا ترى تلاقى الآيتين فيما تقدمهما فالمتقدم فى سورة غافر قوله تعالى:"لينذر يوم التلاق يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شئ".فعند ظهور الأمر للعيان ومشاهدة ما قد كان خبراً قيل لهم:"لمن الملك اليوم". وتقد فى سورة الجاثية قوله تعالى:"وبد لهم سيئآت ما عملوا" الآيات. وإنما ذلك يوم التلاقي والعرض عليه سبحانه فعند المعاينة وزوال الارتياب والشكوك كأن قد قيل لهم: لمن الحمد ومن أهله؟ فورد الجواب بقوله:"فلله الحمد". فالآية (1/7) كالآية، والمقدر المدلول عليه كالمنطوق، والإيجاز مستدع لذلك. ولما تقدم ذكر الملك فى آية غافر منطوقاً به لم يحتج إلى إعادة ذكره، فقيل:"لله الواحد القهار" ولم يقل: فلله الملك لتقدم ذكره. ولما كان الحمد فى سورة الجاثية لم يتقدم ذكره، وإنما هو مقدر يدل عليه السابق لم يكن بد من الافصاح به فى الجواب فقيل:فلله الحمد ولأجل ما قصد من تقريع المكذبين وتوبيخهم عند انقطاع الدعاوى ووضوح الأمر أتبع حمده تعالى بقوله:"رب السماوات ورب الارض رب العالمين". فذكر ربوبته تعالى لما أبداه وأوجده من أعظم مخلوقاته وأبدع مصنوعاته، قال تعالى:"لخلق السماوات ولأرض أكبر من خلق الناس" وأعاد ذكر ربوبيته مع كل من هذه المخلوقات العظام ، المنصوبة للاستدلال بها والاعتبار بعظيم خلقها وما فيها ، فقال:"رب السماوات ورب الأرض" ثم أتبع بما يعم ربوبيته لذلك كله فقال:"رب العالمين" .والعالم ما سواه سبحانه من جميع مخلوقاته ثم قال:"وله الكبرياء في السماوات والأرض" أى الانفراد بالعظمة والجلال والخلق والامر، وهو العزيز الذى ذل كل مخلوق لعزته وقهره، الحكيمفى أفعاله الذى جلت حكمته عن أن تدرك الافهام غاياتها أو يحيط ذوو التفكر بنهاياتها فناسب ما ورد هنا من الاطالة بتكرر-ما ذكر-مقصود الآية، وذلك هو الجارى متى قصد تعنيف المشركين ومن عبد مع الله غيره وهو وارد فى غير ما موضع من كتاب الله تعالى وتكرير لفظ "رب" فى قوله:"ورب الارض". مما يشهد لهذا الغرض من قصد تقريع الجاحدين. ولما كان الوارد فى أم القرآن خطاباً للمؤونين وتعليما للمستجيبين مجردا عما قصد فى آية الجاثية من توبيخ المكذبين ورد على ما قدم من الاكتفاء. وكل على ما يجب ويناسب. (1/8) والجواب عن السؤال الثانى: إن وجه تخصيص السور الخمس بما افتتحت به من حمده تعالى ما ذكر آنفا. أما أم القرآن فهى أول السور ومطلع القرآن العظيم بالترتيب الثابت فافتتاحها بحمده تعالى بين. أما سورة الأنعام فمشيرة الى ابطال مذهب الثنويه ومن قال بمثل قولهم ممن جعل الأفعال بين فاعلين الى ما يرجع الى هذا وقد بسطت هذا فى كتاب البرهان. واذا كانت هذه السورة مشيرة الى ما ذكر وانفردت بذلك فافتتاحها بحمده تعالى بين وفى الجواب عن السؤال الثانى لهذا زيادة بيان. واما سورة الكهف فكذلك لبنائها على قصة أصحاب الكهف وذكر ذى القرنين حسبما ألفت يهود لسائلهم من كفار قريش وذلك مما لم يتكرر فى القرآن فافتتحت بحمده تعالى وذلك بين وامل سورة سبأ فان قصة سبأ لم يرد فيها أيضاً فى غير هذه السورة الا الايماء الوارد فى قوله فى سورة النمل"وجئتك من سبإ بنبإ يقيت" فلما تضمنت سورة سبأ من هذا ما تضمنت ومن قصص داود وسليمان عليهما السلام وما منحهما الله سبحانه وتعالى من تسخير الجبال والطير والجن وإلانة الحديد ولم يجتمع مثل هذا التعريف فى سواها افتتحها سبحانه بحمده وانفراده بملك السماوات ولأرض ونا فيهما وانه أهل الحمد فى الدنيا والاخرة واما سورة فاطر ففيهما التعريف بخلق الملائكة عليهم السلام وجعلهم رسلا أولى اجنحة الى خلق السماوات والارض وامساكهما ان تزولا وانفراده بذلك ولم يقع هذا التعريف فى غيرها من سور القرآن فناسب هذه المقاصد المفردة التى لم ترد فى غير هذه السور ما افتتحت به ولا يلزم على هذا اطراد ذلك فى كل سورة انفردت بحكم أو تعريف ليس فى غيرها بل جواز ذلك منسحب على الجميع واختصاص هذه السور بذلك واضح لانفرادها بما ذكرناه (1/9) والجواب عن السؤال الثالث: ان أم القرآن لما كانت اول سورة ومطلع آياته وهو المبين لكل شئ والمعرف بوحدانيته سبحانه وانفراده بالخلق والاختراع وملك الدارين فناسب ذلك من أوصافه العلية ما يشير الى ذلك كله من انه رب العالمين وانه الرحمن الرحيم وانه ملك يوم الدين حتى تنقطع الدعاوى وتظهر الحقائق ويبرز ما كان خبرا الى العيان وهذا واضح واما مناسبة الوصف الوارد فى سورة الانعام فمن حيث ما وقع فيها من الاشارة الى من عبد الانوار وجعل الخير والشر من الظلمة فافتتحها تعالى بوصفه بانه خالق السماوات والارض وهى الاجرام التى عنها الظلمات وفيها الاجرام النيرات وذكر تعالى انه خالق الانوار واعاد سبحانه ذكر ما فيه الدلالة البينة على بطلان مذهب من عبد النيرات او شيئا منها فى قوله تعالى:"وكذلك نرى ابراهيم ملكوت السماوات والارض" الآيات فقال:"فلما جن عليه الليل رأى كوكبا" ثم قال عليع السلام على جهة الفرض لإقامة الحجة على قومه:"هذا ربى فلما أفل قال لا احب الآفلين" ثم قال ذلك فى الشمس والقمر مستدلا بتغيرها وتقلبها فى الطلوع والغروب على انها حادثة مربوبة مسخرة طائعة لموجدها المنزه عن سمات التغير والحدوث فقال عليه السلام عند ذلك لقومه:"إنى برئ مما تشركون" فأخبر عن حاله قبل هذا الاعتبار وبعده . قال تعالى:"فً مسلماً وما كان من المشركين" وفى طي قوله:"وما كان من المشركين" تنزيه عن عبادة النيرات وغيرها مما سواه تعالى وبان من هذا كله ما افتتحت به السورة من انفراده تعالى بخلق السماوات والارض والظلمات والنور فوضح التناسب والتلازم. وأما سورة الكهف فإنها لما انطوت على التعريف بقصة أصحاب الكهف ولقاء موسى عليه السلام الخضر وما كان من أمرهما وذكر الرجل الطواف وبلوغه مطلع الشمس ومغربها وبنائه سد يأجوج ومأجوج وكل هذا إخبار بما لا مجال للعقل فى ادراكه ولا تعرف حقبقته الا بالوحى والإنباء الصدق الذى لا عوج فيه ولا أمت ولا (1/10) زيغ ناسب ذلك ذكر افتتاح السورة المعرفة بذلك الوحى المقكوع به قوله:"الحمد لله الذى أنزل على عبدى الكتاب ولم يجعل له عوجا" والتناسب فى هذا أوضح من أن يتوقف فيه. وأما سورة سبأ فلما تضمنت ما منح سبحانه داود وسليمان من تسخير الجبال والطير وإلانة الحديد ناسب ذلك ما به افتتحت السورة من أن الكل ملكه وخلقه فهو المسخر لها والمتصرف فى الكل بما يشاء فقال تعالى:"الحمد لله الذى له ما فى السماوات وما فى الأرض" وهذا واضح التناسب. وأما سورة فاطر فمناسبة صفه تعالى باختراع السماوات والارض لما ذكره من خلق عامري السماوات من الملائكة وجعلهم رسلاً أولى أجنحة وإمساكه السماوات والارض أن تزولا أبين شئ وأوضحه وليس شئ من هذه الاوصاف العلية بمناسب لغير موضعه كمناسبة موضعه الوارد فيه. فقد بان مجئ كل واحد منهما فى موضعه ملائماً لما اتصل به، والله أعلم. والجواب عن السؤال الرابع: أن الخواتم والانتهاءات فى السور والآيات لما كان كان غير مقصود بها ما قصد فى المواضع المتقدمة وانما هى مشروعية للمؤمنين عند خواتم أعمالهم وانقضاء أمورهم وقع الاكتفاء فيها بقوله:"الحمد لله رب العالمين"، إذ فى طي ذلك اعتراف للمؤمن وعلمه بانفراد موجده جل وتعالى بالخلق ولاأمر وملك الدارين ، وأهليته سبحانه وتعالى لكل ما تضمنت الأوصاف كلها فى السور المذكورة ، وليس موضع توبيخ ولا تقريع فناسب الاكتفاء بما ذكر ، والله أعلم. (1/11) الآية الثانية قولع تعالى:"الحمد لله رب العالمين*الرحمن الرحيم*ملك يوم الدين" اتفق القراء السبعة على الاتباع فى هذه الصفات العلية وإجرائها على ما قبلها. وقال تعالى فى سورة اليقرة:"ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس" وفي سورة النساء:"لكن الراسخون فى العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بماأنزل إليك وما أنزل إليك من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة". ةاتفق القراء السبعة فى هذه الصفات الأربع وهى قوله فى آية البقرة: والموفون والصابرين ، وفى آية النساء: والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة. على القطع كما اتفقوا فى أم القرآن فى الأربع صفات الواردة فيها على الاتباع ، وقد اتفقت ثمانيتها فى أنها صفات ثناء ومدح وتعظيم ثم اختلفوا فيما ذكرنا من الاتباع والقطع ولم يجروها مجرى واحداً، وقد ترجم سيبويه رحمه الله على ما ينصب على التعظيم والمدح ، وقال فى الترجمة بعد إشارتها الى أن الوجه الانتصاب على ما ذكر من القطع بمقتضى مفهوم الترجمة فاتبع بأن قال:"فإن شئت جعلته صفة مجرى على الاول ، وإن شئت قطعته فابتدأته" واستشهد على القطع بما ورد من قول العرب:""الحمد لله الحميد هو والملك لله أهل الملك" فنصب الحميد ولهذا اتبع بالضمير المؤكد المستتر فى الصفة ليظهر النصب فى الصفتين. ثم اتبع بجواز الرفع والاتباع وأشار الى أن القطع هو المختار فى الباب إذا كان الموصوف معلوما والصفة المدح والثناء وهذا حاصل قوله وقول الجمهور وعليه ورد ما أورده من الآيات وما ذكر عن العرب من الإثبات. ثم إنه أشار الى ضعف القطع فى قوله فى أثناء كلامه "وسمعت بعض العرب يقول الحمد لله رب العالمين-يعنى بالنصب-فسألت عنها يونس فزعم أنها (1/12) عربية.وعادته رحمه الله التعبير بهذه العبارة عما هو دون غيره فى القوة، من ذلك قوله فى أول أبواب الاشتغال عقب بيت ذي الرمة: إذا ابن أبي موسى بلال بلغته فقام بفأس بين وصليك جازر فقال عقبه:"والنصب عربى كثير والرفع أجود" ولما استشهد على اختياره النصب فيما تقدم قبله جملة فعلية ببيتي الربيع بن ضبع الفزاري: أصبحت لا أحمل السلاح ولا أرد رأس البعير ان نفرا والذئب أخشاه ان مررت به وحدى وأخشى الرياح والمطرا بنصب الذئب وهو المختار أتبع بأن أن قال:"وقد يبتدأ فيحمل على ما مثل ما يحمل عليع وليس قبله منصوب وهو عربي وذلك قولك: لقيت زيداً وعمرو كلمته، ولم يخالف أحد فى أن النصب فى هذا أفصح. وقال فى مسألة: أنت عبد الله ضربته واختياره الرفع فى عبد الله لما جعل الضمير المنفصل قبله مبتدأ وهو أنت فضعف مقوي النصب فى عبد اله وهو الاستفهام للفصل بالمبتدأ، فقال بعد اختياره الرفع لما ذكر: الا أنك إن شئت نصبته كما نصبت زيداً ضربته. ثم قال عربي جيد بعد ما قدم أن الرفع عنده أولى. وقال فى مسألة: رأيت متاعك بعضه فوق بعض". وجوز الرفع والنصب على معنيين فقال عقب ذلك والرفع فى هذا أعرف. ثم قال بعد: وان نصبت فهو عربي جيد وقال بعد انشاده: إن على الله أن تباعيا تؤخذ كرهاً أو تجئ طائعاً (1/13) قال: فذا عربي حسن والأول أعرف وأكثر. فقد تبين من متعارف اطلاقه ما يريد يهذه العبارة وقد ترددت فى كتابه كثيرا فحكايته هذه القرآة عن بعض العرب بعد إيثار القطع عن جميعهم إذ لا يقتضى اطلاق كلامه غير ذلك وعليه فهمه الناس عنه وجرى عليه كلام جميعهم اعتماداً على تلقيه من العرب ثم حكى ما يعارض ما تمهد من ذلط بما ذكر من هذه القرآة. فهذا مع سؤاله يونس عن هذه القرآة وجواب يونس بانها عربية، وقد بينا مراده بهذه العبارة وقول سيبويه فى اخباره عن قول يونس "فزعم" حاصل من ذلك كله ضعف القطع فى هذه الصفة مع أنها مدح وتعظيم. فالوجه على ما تأصل فيما قدمنا قطعها بتضعيف هذه القرآة معارض. لما اتفقوا عليه فهو مما اشكل ولم أر من تعرض له من نحوي ولا مفسر الا بما لا يصح. وقد أطنب أبو الفضل بن الخطيب[الرازى]-رحمه الله-فى التفسير المنسوب اليه، فيما أورد فى تفسير الفاتحة وما تعرض لهذا بشئ وكذلك غيره من النحويين والمفسرين الا من قال إن القطع فى هذه القرآة هو الوجه وإياه أراد سيبويه وإن جواب يونس بقوله:"عربية" إنما يريد إنها فصيحة كالمثل المذكور معها وهذا خطأ بين ومن أمعن النظر فى الكلام يراه من هذا. وقد زعم بعض من عاصرناه من النحويين أن سيبويه إنما قصد بما حكاه عن بعض العرب من هذه القراءة فسأل يونس عنها الرد على من قال : إن القطع لا يكون الا بعد اتباع. فهذا أيضاً فاسد إذ لم يتقدم من كلام سيبويه رحمه الله ما يبني عليه هذا لا فى الترجمة ولا في المثل ولا فيما أنشده من قول الاخطل: [نفسي فداء أمير المؤمنين إذا أبدى التواجد يوم باسل ذكر الخائض الغمر والميمون طائره خليفة الله يستسقى به المطر] ومهلهل: [وللقد خبطن بيوت يشكر خبطه أخوالنا وهم بنو الأعمام] ولا تعرض له الا بعد ما ذكر بعض ما سمعه من قرآة بعضهم:"الحمد لله رب العالمين" بالنصب وسؤال يونس عنها وبناء الباب على ما تقدم وتعقيبه بما به اتبع الترجمة وكل ذلك جار على ما فهمه الجماعة من اختيار القطع وان لم يتقدم اتباع. ثم إن القطع قبل الاتباع قد تحصل مما أورده من المثالين المسموعين والآيات وما أنشده قبل الاتباع وبعده من غير تفصيل فى الحالين وذلك كله يقتضي استواء الحكم ما لم يكن الموصوف يفتقر الى زيادة بيان، فإنه قد يحسن إذ ذاك بيان، ولما لم يقع فيما صدر به سيبويه الباب الا ما هو معلوم غير محتاج الى زيادة بيان وإذا ثبت هذا ولم تقع إشارة الى ما زعم هذا القائل من هذا التفصيل فلا يتوقف القطع على الشرطين المذكورين: من كون الصفة للثناء والتعظيم، وكون الموصوف معلوماً. وهل يطرد هذا الحكم فى كل ما وجد فيه أم يتفصل؟ هذا حكم آخر وسيستوفى بعد إن شاء الله. أما تقدم الاتباع فليس بشرط وإنما تعلق القائل بذلك مما ذكر أبو طاهر فى باب شاذ مما يشير الى أنه قول قائل من النحويين، الا انه لم يتعرض لكلام سيبويه وانما الخطأ فى نسبة ذلك لسيبويه مع فساد هذا القول فى نفسه. فاذا تقرر ما أصلناه من ان الوجه فيما الصفة فيه مدح أو ذم والموصوف معلوم قطع الصفة ةانه الافصح ،فللسائل ان يسأل عن وجه ضعف النصب فى القرآة المذكورة مع حصول شرط القطع؟ ولم اتفق القراء على خلاف ما تمهد انه الوجه؟ والجواب عن ذلك-والله أعلم- ان اختيار القطع بعد حصول شرطية مطرد ما لم تكن الصفة خاصة بما جرت عليه لا تليق بغيره ولا يتصف بها سواه ولا شك أن هذا الضرب قليل جداً فلذلك لم يفصح سيبويه رحمه الله باشتراطه واكتفى بالوارد مما ذكره عن بعض العرب فاذا كانت الصفة مما لا يشارك فيها الموصوف غيره وكانت مختصة بمن جرت عليه فالوجه فيها الاتباع ويطرد ذلك فى صفات الله سبحانه مما لا يتصف بع غيره، وأوضح ذلك هذه الصفة العلية الا ترى ان ربوبيته تعالى للعالم بأسره لا تنبغى لغيره ولا يتصف بها سواه فلما كانت على ما ذكرته لم يكن فيها القطع والمراد السماع على هذا كاف فى الدلالة فمنه الآية المذكورة ومنه قوله تعالى:"حم*تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم*غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول".لما كان وصفه تعالى بغافر الذنب وما بعده لا يليق بغيره تعالى لم يكن الا الاتباع، والاتباع لا يكون بعد قطع فلزم الاتباع فى الكل، ومن هذا قول عمرو بن الجموح: الحمد لله العلي المنن     الواهب الرزاق ديان الدين وهذا مع تكرار الصفات وذلك من مسوغات القطع على صفة ما، وعند بعضهم من غير تقييد بصفة، وأما الاتباع فيما لم يقع فيه الا صفتان من صفاته تعالى فأكثر من أن يحصى، فهذا شاهد السماع وهو كاف وله وجه من القياس وهو شبيه بالوارد فى سورة النجم فى قوله تعالى:"وأنه هو أضحك وأبكى*وأنه هو أمات وأحيى".ثم قال تعالى بعد:"وأنه هو أغنى وأقنى*وأنه هو رب الشعرى". فورد فى هذه الجمل الاربع الفصل بالضمير المرفوع بين اسم ان وخبرها ليحرز بمفهومه نفى الاتصاف عن غيره تعالى بهذه الأخبار وكان الكلام فى قوة أن لو قيل:وأنه هو لا غيره وذلك أنه لما كان يمكن المباهت الجاحد ادعاء هذه الأوصاف لنفسه مباهتاً ومغالظاً كقول طاغية ابراهيم عليه السلام جواباً لإبراهيم عليه السلام حين قال:"ربي الذي يحيي ويميت" فقال الطاغية مباهتاً ومخيلاً لأمثاله: أنا أحيي وأميت فأوهم بفعلة يطلق عليها هذه العبارة مجازاً بقتله من لم يستوجب القتل وتسريحه من وجب عليه القتل وهذا جار فى هذه الجمل المفصول فيها بالضمير فأتى به لما ذكر ولم يرد هذا الضمير فى قوله تعالى:"وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى"لأن ذلك مما لا يتعاطاه أحد لا حقيقة ولا مجازا وبالاعتراف بذلك أخبر تعالى عن عتاة الكفار العرب وغيرهم حين قال تعالى:"ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله" وكذلك قوله تعالى:"وأنه أهلك عاداً الأولى" لكون اهلاك القرون المكذبة مما لا يمكن أن ينسب لغير الله تعالى فلم يعرض فى هذا مفهوم يحتاج التحرز منه لم يرد هنا فصل بضمير كما ورد فيما تقدم. واذا تأملت القطع فى صفات الثناء والمدح وجدت ما مهدناه جارياً على هذا، ألا ترى أنك اذا قلت: مررت بزيد العلم، فاتبعت الصفة لموصوفها مع كون الصفة صالحة لمن أجريت عليه ولغيره لم يكن ذلك ليدفع غير زيد عن مشاركته فى صفته التي أجريتها عليه،فاذا قطعت قلت: ممرت بزيد العلم هو، برفع الصفة على تقدير مبتدأ أي هو العلم أحرز ذلك الضمير المبتدأ بمفهومه أن غير زيد ليس بعالم أو أنه ليس كزيد وكأنك قلت هو العلم لا غيره كما فى الآي المتقدمه، وكذا القطع فى النصب من غير فرق. فاذا كانت الصفة لم تخص من جرت عليه لم يكن هناك مفهوم محرز منه فلم يكن القطع ليحرز هنا فائدة فلم يحتاج اليه وعليه ورد السماع كما تقدم فقد تعاضد السماع والقياس كما بينا ووجب الاتباع فى قوله تعالى:"الحمد لله رب العالمين" وهو مما لم يتعرض له أحد بما يخاص مع لزوم الجواب عنه. الآية الثالثة: من أم القرآن غ- قوله تعالى:"الرحمن الرحيم" فيها سؤال واحد وهو أن يقول القائل: ما وجه الفصل بهاتين الصفتين العليتين من قوله:"الرحمن الرحيم" بين الصفتين المقتضيتين ملك الدارين بما فيها وهما "رب العالمين" "ملك يوم الدين" من حيث أن الحمد لله رب العالمين يتضمن أن لا رب سواه فهو ملك الكل فقد كان المطابق لهذا إيصال ملك يوم الدين به حتى يقع وصفه بملك الدارين جميعاً وبالانفراد فيهما بالخلق والامر والحكم كمت هو وكما ورد فى قوله تعالى:"له الحمد فى الأولى والآخرة". فالجارى مع هذا أن لو قيل: الحمد لله رب العالمين ملك يوم الدين والفصل بالرحمن الرحيم مما يكسر هذا الغرض فما وجه ذلك؟ والجواب عن ذلك: أنه تعالى خصص هذه الأمة بخصائص الاعتناء والتكريم، قال تعالى:"كنتم خير أمة أخرجت للناس". وجعل نبينا صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم والمصطفى من كافة الخلق والتابع يشرف بشرف المتبوع وقد خاطبه تعالى بخطاب الرحمة والتلطف والاعتناء فقال تعالى:"عفا الله عنك لم أذنت لهم" فقدم العفو بين يدي ما صورته العتب لئلا ينصدع قلبه صلى الله عليه وسلم فكذلك تلطف لعباده من أمة هذا النبي الكريك وأمنهم من خوفهم وإشفاقهم من عرض أعمالهم وحسابهم فقال:"الحمد لله رب العالمين*الرحمن الرحيم*ملك يوم الدين". لما كان تعالى قد وصف هذا اليوم بأنه يوم تشخص فيه الأبصار "وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى"، قدم هنا تعريفهم بأنه "الرحمن الرحيم" وانه ملك ذلك اليوم فأنس هذه الأمة كما أنس نبيهم وذلك أبين شئ. الآية الرابعة: غ- قوله تعالى:"ملك يوم الدين" وفى قرآة عاصم والكسائي "مالك يوم الدين" وفى سورة آل عمران : "قل اللهم مالك الملك" ولم يقرأ بغيره، وفى سورة الناس "ملك الناس" ولم يقرأ أيضاً بغيره. ومدار الآيات الثلاث على تعريف العباد بأنه سبحانه الملك المالك ثم ورد فيها من الاختلاف ما ذكر. فللسائل أن يسأل فيقول: ما وجه هذا الاختلاف؟ وهل اختصاص آية أم القرآن بالقراءتين لموجب يخصها مع اتحاد المقصود فى الآيات الثلاث من انه سبحانه المنفرد بملك الكل وإيجادهم وانه الملك المالك؟ أم ذلك لاختلاف المقاصد؟ والجواب: إن الايات الثلاث حاصل منها ما ذكر انه مقصود من انه سبحانه ملك مالك اما آية الفاتحة فبإفصاح القراءتين واما آية آل عمران فلفظ الملك المضاف اليه مالك فى قوله تعالى:"مالك الملك" يفهم انه الملك لأن الملك من له الملك فأفهم لفظ الملك المضاف اليه مالك انه ملك فحصل الاكتفاء بهذا وأفهمت الآية الأمرين. واما آية الناس فقوله تعالى:"برب الناس" مغن عن الافصاح بمالك الناس لأن الرب المالك فكأن قد قيل:قل أعوذ بمالك الناس ملك الناس فاقتضى الايجاز الاتصال ووحدة الكلام من حيث المعنى أما آية الفاتحة فقوله فيها:"ملك يوم الدين" آية انفردت عما قبلها بالتعريف بما لم تعرف به الآية التى قبلها من التنصيص على أنه ملك يوم الحساب فمصرف الكلامين فى الآيتين الى مقصودين وذلك أن قوله تعالى:"الحمد لله رب العالمين" كلام مصرفه بحسب التفصيل الوارد هنا الى حال الدنيا مع انسحاب معناه على الدارين ولكن ورد الكلام مفصلا فقال:"الحمد لله رب العالمين" فمصرف هذا بسبقية المفهوم وتقييد ما بعده وما يقتضيه التناظر والتقابل الى حال الدنيا ثم قال:"ملك يوم الدين" فمصرف هذا الى الآخرة فهذا فى التفصيل كقوله تعالى:"له الحمد فى الأولى والأخرة" فلم يكن ما مصرفه الى حال الدنيا ليقع به الاستغناء عما مصرفه الى حال الآخرة فلم يكن بد من الافصاح بالصفتين فورد ذلك فى القراءتين بخلاف ما فى آية آل عمران وآية الناس فان الآيتين من حيث الاتصال فى المعنى فى قوة آية واحده والكلام فيهما مطلق غير مقيد فيتناول بحسب اطلاقه الحكم فى الدارين مع انه كلام واحد. فان قلت:اذا كان قوله"ملك يوم الدين" بحسب المصرف كما تقدم آية انفردت واين مقصدها الآية قبلها على ما تمهد فقد صارت آيتا أم القرآن بحسب مصرف كل آية منهما كآية آل عمران وآية الناس فيحتاج فى كل واحدة منهما عل ما تمهد الى ما يفهم انه سبحانه ملك مالك وقد حصل ذلك من الآيات الثلاث فما المفهم لذلك من قوله تعالى:"رب العالمين" فالجواب انه مفهوم من عموم قوله تعالى:"رب العالمين" اذ لم يقع مثل هذا العموم والاستيفاء من هذه الآى فى غير هذه فان لفظ العالمين يشمل كل مخلوق واذا كان رب الكل ومالكهم فان جميعهم تحت قهره وملكه فلا ملك لغيره سبحانه. فقد حصل من كل واحدة من هذه الآى الاربع انه سبحانه الملك المالك وتبين انه لا يلائم الآية من أم القرآن الا ما ورد فيها من القرآتين وان الآيات الاخر لو قرئت بالوجهين لكان تكرارا فورد كل على ما يجب ولا يناسب خلافه والله أعلم.                 السيرة الذاتية للأستاذ الدكتور/عبدالحميد هنداوي الأستاذ بكلية دار العلوم- جامعة القاهرة   الشهرة: عبدالحميد هنداوي الاسم: عبدالحميد أحمد يوسف هنداوي المولد : ولد في: 24/6/1962 أبرز التخصصات: 1-البلاغة 2- علوم التفسير والحديث والشريعة الإسلامية 3 -النقد الأدبي والأدب المقارن 4 = العلوم اللغوية والعربية بعامة . الحي: باب الشعرية         محافظة: القاهرة قصة النشأة ومكانها: ولد ونشأ في حي شعبي من أحياء مدينة القاهرة، وهو حي باب الشعرية، حيث التقاليد المصرية الأصيلة، والعادات الطيبة. ونشأ في بيت علم حيث كان والده الشيخ أحمد يقرئ القرآن ويعلمه للكبار والصغار مع مبادئ علوم العربية في كُتّاب المسجد في الحي الذي نشأ فيه. فعلمه أبوه مبادئ القراءة وشرع في تحفيظه القرآن الكريم من الرابعة، ولم يدخل المدرسة الابتدائية إلا وقد حفظ قدرًا لا بأس به من كتاب الله تعالى، وشغلته الدراسة حينًا عن إتمام حفظ القرآن، ثم أتم حفظه وأجيز فيه بقراءة حفص من الشيخ إبراهيم المناوي – رحمه الله . ثم عاود الحفظ والاشتراك في مسابقات القرآن الكريم والبحوث الدينية في المرحلتين الإعدادية والثانوية حيث كان يفوز في جميع المسابقات، وكان أعلى جوائز هذه المسابقات: جائزة العمرة سنة 1980م، ثم جائزة ا لحج في العام الذي يليه. وشارك والده من المرحلة الإعدادية في تعليم القرآن للصبيان، وعمل في التدريس لأبناء المدارس بعد حصوله على الثانوية العامة وتفوقه فيها. مراحل الدراسة وأماكنها والمؤهلات: -تم تكريمه مع أوائل المراحل الدراسية المختلفة في الابتدائية والإعدادية والثانوية العامة بالقسم الأدبي سنة 1980م. -حصل على ليسانس دار العلوم بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى بترتيب الأول 1984م. بتقدير ممتاز من قسم البلاغة والنقد الأدبي والأدب المقارن بكلية دار العلوم جامعة القاهرة -حصل على الماجستير في البلاغة العربية بعنوان (الطيبـي وجهوده البلاغية) بتقدير ممتاز بالكلية ذاتها. - حصل على دبلوم الدراسات العليا في قسم الشريعة الإسلامية سنة 1985م بالكلية ذاتها. -حصل على الدكتوراه في البلاغة العربية بعنوان: (التوظيف البلاغي لصيغة الكلمة- دراسة نظرية تطبيقية) بمرتبة الشرف في 14/11/1996م بالكلية ذاتها.
  • - ماجستير الشريعة الإسلامية - الحوار مع الآخر. دراسة في التفسير الموضوعي للقرآن الكريم (تحت الطبع).
الوظائف التي تدرج فيها في كلية دار العلوم – جامعة القاهرة:
  • عين معيدًا بقسم البلاغة والنقد الأدبي والأدب المقارن بالكلية اعتبارًا من 22/1/1985م.
  • عين مدرسًا مساعدًا بالقسم نفسه اعتبارًا من 27/2/1992م.
  • عين مدرسًا بالقسم نفسه اعتبارًا من 25/12/1996م.
  • مرقى لوظيفة أستاذ مساعد بالقسم اعتبارًا من 24/9/2003م.
ثالثًا: أهم البحوث والمؤلفات العلمية في مجال العلوم اللغوية:
  • أسلوب التكرار في القرآن الكريم في ضوء الدراسات الأسلوبية الحديثة (مع التطبيق على التكرار الصوتي)- نشر بصحيفة دار العلوم.
  • الإعجاز الصوتي للقرآن الكريم- بالدار الثقافية- القاهرة.
  • الإعجاز الصرفي للقرآن الكريم- المكتبة العصرية- بيروت.
  • رعاية حال المتكلم في سورة البقرة (دراسة نظرية تطبيقية)- إيداع بدار الكتب رقم 13710/2001.
  • سورة النازعات (قراءة أسلوبية) بحث مرجعي أجيز ضمن بحوث الترقية.
  • سورة ق (قراءة أسلوبية) بحث أجيز ضمن بحوث الترقية.
  • سلسلة الدراسات الأسلوبية للقرآن الكريم ( دار الآفاق - القاهرة)
  • وجوه البيان في متشابه القرآن (تحت الطبع).
  • جامع الأصول في بلاغة الرسول r يجمع حلقات البرنامج الإذاعي (بلاغة الرسول r) التي قام بتسجيلها في بإذاعة القرآن الكريم على مدى أربع سنوات متتالية.
  • التحفة البهية شرح المقدمة الأجرومية . (دار الكتب العلمية – بيروت)
  • رسالة الأدب المقارن- نشر بصحيفة دار العلوم.
  • الدلالة الفنية للأصوات- نشر بصحيفة دار العلوم.
  • أنماط المفارقة في شعر أحمد مطر (دراسة نظرية تطبيقية)- إيداع بدار الكتب رقم 13706/2001.
  • معالم على طريق النقد الأدبي (تأليف)- (مكتبة الثقافة).
  • الأدب المقارن بين المفهوم والقيمة (تأليف)- (مكتبة الثقافة).
  • علم البلاغة بين التنظير والتطبيق (تأليف)- (مكتبة الثقافة).
  • أضواء على مسيرة البلاغة العربية (تأليف)- (مكتبة ا لثقافة).
  • البلاغة بين التنظير والتطبيق ( مع التطبيق على مباحث علم المعاني) (مكتبة ا لثقافة).
رابعًا: المؤلفات والكتب الدراسية في مجال الفكر الإسلامي:
  • أشرف على موسوعة الفرق والمذاهب الإسلامية القديمة والمعاصرة.(دار التأصيل .مصر)
  • أشرف على موسوعة المسلمة المعاصرة.(دار التأصيل .مصر)
  • أشرف على الموسوعة الشرعية للمعاملات المالية والمصرفية.(دار التأصيل .مصر)
  • تيسير العقيدة للمسلم المعاصر. .(الصحابة بجدة والشارقة والتابعين بالقاهرة)
  • الفراغ نعمه أم نقمة .(الصحابة بجدة والشارقة والتابعين بالقاهرة)
  • الحياة الطيبة .(الصحابة بجدة والشارقة والتابعين بالقاهرة)
  • قصور الجنة لمن .(الصحابة بجدة والشارقة والتابعين بالقاهرة)
  • السهام القتالة فى الرد على صاحب الاستحالة .(الصحابة بجدة والشارقة والتابعين بالقاهرة)
  • موسوعة الدار الآخرة .(الريان وعباد الرحمن.بيروت)
  • أنين التائبين .(الريان وعباد الرحمن.بيروت)
  • قلوب أسيرة الرحمن.(الريان وعباد الرحمن.بيروت)
  • قلوب أسيرة الشيطان.(الريان وعباد الرحمن.بيروت)
  • شرح رسالة الدروس المهمة لعامة الأمة .لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز (رحمه الله) (الريان وعباد الرحمن.بيروت)
  • هؤلاء يحبهم الله ورسوله (الريان وعباد الرحمن.بيروت)
  • منهج الدعوة في واقعنا المعاصر. (دار الآفاق. القاهرة).
  • دراسات حول الجماعة والجماعات .(الصحابة : جدَّة ، التابعين : القاهرة)
  • صفات يحبها الله ورسوله .(مكتبة الصفوة. القاهرة)
  • رحلة الإسراء والمعراج .كتابة أدبية لقصة الإسراء والمعراج (مطبعة النصر .القاهرة)
  • الإفحام لمن زعم انقضاء عمر أمة الإسلام .( الفضيلة . القاهرة)؟
  • إلى الجنة .(مكتبة أبو بكر . القاهرة)
  • النجاة من النار.(مكتبة أبو بكر . القاهرة)
  • إيقاظ الهمم قبل يوم الندم .(مكتبة أبو بكر . القاهرة)
  • الخوف من الله .(مكتبة أبو بكر . القاهرة)
  • تذكير اليقظان بوظائف رمضان (دار الكتب العلمية – بيروت)
  • الجامع لأحكام زكاة الفطر ( مؤسسة أخبار اليوم)
  • نصيحة الإخوان في معالجة السحر والجان . ( مؤسسة أخبار اليوم)
  • الدليل والبرهان على دخول الجان بدن الإنسان . ( مؤسسة أخبار اليوم)
  • رحلة إلى الدار الآخرة . ( مؤسسة أخبار اليوم)
  • وفاة الرسول .(مكتبة العلم . القاهرة)
  • رجال ونساء حول الرسول .كتابة أدبية لسير أصحاب النبي .
  • موسوعة صفات الصحابة بين التنزيل والتطبيق . (تحت الطبع).
  • الحوار مع الآخر. دراسة في التفسير الموضوعي للقرآن الكريم (تحت الطبع).
  • خامسًا: أهم الكتب المحققة في مجال التخصص:
  • تحقيق جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي – دار الكتب العلمية – بيروت.
  • تحقيق شرح الإمام الطيبي على مشكاة المصابيح- (شرح بلاغي- 13مجلدًا بالفهارس محقق على مخطوطات دار الكتب المصرية - مؤسسة نزار الباز- مكة المكرمة).
  • تحقيق الميسر شرح مصابيح السنة للتوربشتي 4مجلدات مخطوط يصدر لأول مرّة. مؤسسة نزار الباز- مكة المكرمة).
  • مختصر منهاج القاصدين لابن قدامة المقدسي _ تحقيق وشرح وتعليق . (الريان وعباد الرحمن.بيروت)
  • تنبيه الغافلين لابن النحاس تحقيق وشرح وتعليق . (الريان وعباد الرحمن.بيروت)
  • مفتاح العلوم للسكاكي- (دار الكتب العلمية- بيروت- تحقيق جديد على ثلاث نسخ خطية).
  • شروح التلخيص للخطيب القزويني 10مجلدات (المكتبة العصرية- بيروت).
  • التبيان في المعاني والبيان للطيبي- (مكتبة نزار الباز- مكة المكرمة).
  • علم البديع وفن الفصاحة للطيبي- (مكتبة نزار الباز - مكة المكرمة).
  • لطائف التبيان للطيبي- (مكتبة نزار الباز- مكة المكرمة).
  • بلاغات النساء لابن طيفور- (مكتبة الفضيلة- مصر).
  • تحقيق وترتيب معجم العين للخليل بن أحمد الفراهيدي (دار الكتب العلمية – بيروت).
  • تحقيق معجم المخصص لابن سيدة (دار الكتب العلمية – بيروت).
  • تحقيق معجم المحكم والمحيط الأعظم لابن سيدة (دار الكتب العلمية – بيروت).
سادسًا: الشعر والكتابات الأدبية :
  • ديوانه الشعري (رحلة على جواد النفس) (نشر الدار الثقافية).
  • (جواهر الأدب في كنوز كلام العرب)- (نشر الدار الثقافية).
  • المجموعة القصصية الأولى (تحت الطبع )
  • رجال ونساء حول الرسول r- (مكتبة أبي بكر).
  • الفراغ نعمة أم نقمة؟- (مكتبة التابعين).
  • الإسراء والمعراج- (مكتبة أبي بكر).
  • الحياة الطيبة.
  سابعا : المؤتمرات والندوات والدورات والإجازات العلمية:
  • حصل على إجازة في القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم.
  • اجتاز بنجاح دورة تحقيق التراث والمخطوطات بدار الكتب والوثائق المصرية يناير 1992م.
  • المشاركة في العديد من الندوات والمهرجانات الشعرية بديوانه الشعري .
  • تم اختياره ضمن شعراء دار العلوم في الكتاب التذكاري المختار من شعراء الدار.
  • مؤتمر جمعية لسان العرب في دورته المنعقدة بجامعة الدول العربية- سنة 2001م.
  • المشاركة في مناقشة ميثاق حقوق المرأة والطفل بهيئة الإغاثة العالمية- سنة 2001م. (المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة).
  • مؤتمر العربية وقرن من الدرس النحوي -دار العلوم- فبراير سنة 2003م.
  • إلقاء العديد من المحاضرات العلمية والثقافية بالجامعات المصرية ،وكلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي.
  • محاضرات عن الإعجاز البلاغي للقرآن الكريم بنادي أعضاء هيئة التدريس - أغسطس سنة 2003م.
  • حصل على دورات ToeFEL في اللغة الإنجليزية,
  • حصل على دورات ICDL في الحاسب الآلي.
سابعًا: النشاط الإعلامي:
  • حرر عددًا من المقالات بالمجلات والجرائد الرسمية، في جريدة الأخبار والأحرار وغيرهما من الصحف المصرية والعربية والمجلات والدوريات الإسلامية مثل مجلة التوحيد التي تصدرها جامعة أنصار السنة المحمدية بمصر ، وصحيفة دار العلوم وغيرها من الدوريات .
  • كتبت عنه العديد من الصحف العربية مثل جريدة الأخبار المصرية و جريدة الوطن العمانية .
  • نشرت أبحاثه ومؤلفاته العلمية وكتبه الدينية والأدبية وتحقيقاته التراثية في العديد من دور النشر العالمية في جميع أرجاء المعمورة.
  • قام بتسجيل حلقات عديدة بإذاعة القرآن الكريم بالبرنامج الإذاعي (بلاغة الرسول r) على مدى أربع سنوات متتالية.
  • قام بتسجيل حلقات عديدة بإذاعة أم القيوين في بلاغة القرآن الكريم والسنة النبوية والأحاديث الدينية العامة.
  • سجلت سيرته الذاتية في لقاءات إذاعية بدولة الإمارات العربية .
  • قام بتسجيل عدد من البرامج في التليفزيون المصري والقنوات الفضائية المختلفة.
  • قام بإعداد عدد من البرامج لقناة المجد للحديث النبوي .
  • نوقشت العديد من أبحاثه ومؤلفاته العلمية في العديد من مواقع الإنترنت .
  • له موقع خاص للرد على الفتاوى ضمن لجنة فتاوى موقع الإسلام اليوم على شبكة الإنترنت.
    ثامنًا: الجوائز والمسابقات:
  • حصل على العديد من الجوائز منها:
1-  جائزة جامعة القاهرة في تحقيق التراث . 2- جائزة العمرة من وزارة الشباب والرياضة في القرآن الكريم والبحوث الدينية سنة 1979م. 3- جائزة الحج من وزارة الشباب والرياضة في القرآن الكريم والبحوث الدينية سنة 1980م. 4- رشحته الكلية بجلستها المنعقدة بتاريخ (18/11/2003) لجائزة الدولة للتفوق. 5- رشح من قبل مجلس كلية دار العلوم لنيل جائزة الدولة في الآداب سنة 2004م. 6- رشح لنيل جائزة الأمير نايف بن عبدالعزيز في الدراسات الإسلامية المعاصرة. تاسعًا: الإشراف العلمي: - أشرف وناقش العديد من رسائل الماجستير والدكتوراة في العديد من الجامعات العربية منها : 1-الحركة النقدية حول البحتري. 2-تأثير النصوص الدينية في الشعر العربي المعاصر. 3-حروف المعاني وآثارها في النظم القرآني. 4-جهود الدكتور "بدوي طبانة" البلاغية. 5-الشعر العربي في إيران حتى نهاية القرن السابع الهجري (دراسة تحليلية نقدية). 6-المكان وتوظيفه الفني في الرواية المصرية في النصف الثاني من القرن العشرين. 7-الإضمار في القرآن الكريم . دراسة أسلوبية بلاغية . 8- الغريب في سورة النازعات .دراسة تحليلية بلاغية . 9- الغريب في سورة القمر .دراسة تحليلية بلاغية . 10-الغريب في سورة يوسف .دراسة تحليلية بلاغية .   - أشرف على العديد من الأعمال والموسوعات الشرعية والأدبية والثقافية بدار التأصيل منها: 1- موسوعة الأديان والفرق والمذاهب والحركات الإسلامية القديمة والمعاصرة. 2- الموسوعة الثقافية للمسلم المعاصر. 3- الموسوعة الثقافية للمسلمة المعاصرة. 4- الموسوعة الشرعية للمعاملات المالية والمصرفية.   جهات العمل داخل وخارج جمهورية مصر العربية :
  • كلية دار العلوم .جامعة القاهرة . مكان العمل الأصلي
  • كلية الدراسات الإسلامية والعربية . دولة الإمارات العربية المتحدة.
  • جامعة الطائف . المملكة العربية السعودية .
  • التدريس في معهد المركز العام لدعاة التوحيد والسنة التابع لمسجد العزيز بالله بالزيتون . القاهرة .
  • الإشراف العلمي بدار التأصيل السعودية بمصر لصاحبها فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عقيل .
  • الكتابة بالصحف والمجلات والدوريات المصرية والعربية .
  • ترجمت بعض كتبه إلى اللغة التركية .
  • إذاعة القرآن الكريم بالقاهرة .
  • إذاعة صوت العرب بالقاهرة .
  • إذاعة البرنامج العام بالقاهرة .
  • إذاعة أم القويين بدولة الإمارات العربية المتحدة.
  • بعض قنوات التليفزيون المصري والفضائيات كالقناة الثالثة والتعليم العالي وقناة الناس والمجد وبيئتي وصفا والحافظ والخليجية والصحة والجمال والشباب والأمة وغيرها.
13 – له موقع خاص للرد على الفتاوى ضمن لجنة فتاوى موقع الإسلام اليوم على شبكة الإنترنت. 14– كتبت عن سيرته الذاتية وعن مؤلفاته العلمية العديد من مواقع الإنترنت . 15- الخطابة الدينية بمساجد وزارة الأوقاف المصرية ، والمساجد التابعة لجمعية أنصار السنة المحمدية ، وأحيانا بمسجد العزيز بالله بالزيتون . القاهرة .         [1] - جامع الأصول من أحاديث الرسول  - (ج 5 / ص 3424) [2] - المستدرك على الصحيحين للحاكم - (ج 2 / ص 365) [3] - تفسير ابن كثير - (ج 1 / ص 101) [4] - تفسير ابن كثير - (ج 1 / ص 106)   [5] - المسند (2/284) وصحيح مسلم برقم (780) وسنن الترمذي برقم (2877) وسنن النسائي الكبرى برقم (8015). [6] - تفسير ابن كثير - (ج 1 / ص 101) ([7]) سُورَةُ النَّازِعات : 30 . ([8]) سُورَةُ الذَّارِيات : 48 . ([9]) سُورَةُ نوح : 17 . ([10]) سُورَةُ ص : 71 . ([11]) سُورَةُ القارعة : 9 . ([12]) سُورَةُ الزخرف 4 . ([13]) سُورَةُ الرعد : 39 . ([14]) سورة البقرة : 67-71 . ([15]) سورة الروم : 17 . ([16]) سورة الطور : 48-49 . ([17]) سورة ق : 39 . ([18]) سورة الإسراء : 78 . ([19]) حديثُ ابن عبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : أخْرَجَهُ : أبو داود (رَقْم : 393) والترمذي (رَقْم : 149) وأحمد 1/333و354 وعبد الرزاق (رَقْم : 2028) وعبد بن حميد (رَقْم :703) وأبو يَعلى (رَقْم : 2750) وابن خُزيمة (رَقْم : 325) وابن الجارود (رَقْم : 149و150) والطَّحاوي في (شَرحِ المعانِي) 1/146-147 والطَّبراني (رَقْم : 10752و10753) والدَّارقطني 1/258 والحاكم 1/193 والبيهقي 1/365-366 والبَغوي في (شَرح السنة) (رَقْم : 348) . وصحَّحه : ابن خزيمة والحاكم والألباني . ([20]) حديثُ جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أخْرَجَهُ : البُخاري (رَقْم : 560) ومُسلم (رَقْم : 646) وأبو داود (رَقْم : 397) والنسائي (رَقْم : 526) والدارِمي (رَقْم : 1184) . ([21]) حديثُ بريدة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أخْرَجَهُ : مُسلم (رَقْم : 613) والترمذي (رَقْم : 152) والنسائي (رَقْم : 518) وابن ماجة (رَقْم : 667) وابن خزيمة (رَقْم : 323-324) وابن حبان (رَقْم : 1492) وابن الجارود (رَقْم : 151) والدارقطني 1/262 والبيهقي 1/371 .
  • وحديثُ أبي مَسعود الأنصاري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أخْرَجَهُ : البُخاري (رَقْم : 521و3221و4007) ومُسلم (رَقْم : 610) وأبو داود (رَقْم : 394) والنسائي (رَقْم : 493) وابن ماجة (رَقْم : 668) والدارمي (رَقْم : 1185) .
  • وحديثُ أبي بَرزَة الأسلمي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أخْرَجَهُ : البُخاري (رَقْم : 547 (541)) ومُسلم (رَقْم : 461و647) وأبو داود (رَقْم : 398و4849) والترمذي (رَقْم :168) والنَّسائي (رَقْم : 494و524و529و947) وابن ماجة (رَقْم : 674و701و818) والدارمي (رَقْم : 1300و1429)
  • وحديث عِبد الله بن عَمرو بن العاص رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : أخْرَجَهُ : مُسلم (رَقْم : 612) وأبو داود (رَقْم : 396) والنسائي (رَقْم : 521) .
  • وحديث أبي موسى الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أخْرَجَهُ : مسلم (رَقْم : 614) وأبو داود (رَقْم : 395) والنسائي (رَقْم : 522) .
  • وجديثُ أبي هُريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أخْرَجَهُ : التِّرمذي (رَقْم : 151) وأحمد 2/232 والطَّحاوي في (شَرحِ المعاني) 1/149-150 والدارقطني 1/262 والبيهقي 1/375 وصححه الألباني في السلسلة الصّحيحة (رَقْم : 1696) . وانظر : ابن أبي حاتم في العلل (رَقْم : 273) والعلل الكبير للترمذي (رَقْم : 82) . ورِواية أُخرى عنه : أخرجها النَّسائيّ (رَقْم : 501) .
  • وحديث أنسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أخْرَجَهُ : النَّسائي (رَقْم : 551) .
([22]) سُورَةُ : 7 . ([23]) اُنْظُرْ : قِصَّة يُوسف في (القَصص القرآني : عرضُ وَقائعٍ وتحليلُ أحداثٍ) للشيخ صلاح الخالدي 2/73-256 . وقصّة يوسف عَلَيهِ السَّلامِ وردت كاملة في سورة يوسف . ([24]) [ مِنَ القَصَصِ التي جاءَت مُجملَة في الذّارِيات ثُم فُصِّلَت في سُوَرِ : الأَعرافِ وهود والشّعراء : 1ـ قِصَّة إِبراهيمُ عليهِ السَّلامُ : الذّاريات 24-37 الأعراف 69-76 الشعراء 69-89 . 2ـ قِصّة موسى عليهِ السَّلامُ : الذّاريات 38-40 الأعراف 103-171 هود 96-99 الشعراء 10-67 . 3ـ قِصّة هود عليهِ السَّلامُ : الذّاريات 41-44 الأعراف 65-72 هود 50-60 الشعراء 123-139 . 4ـ قصّة صالح عليهِ السَّلامُ : الذّاريات 43-45 الأعراف 73-79 هود 61-68 الشعراء 141-158 . 5ـ قِصَّة نُوح عليهِ السَّلامُ : الذّاريات 46 الأعراف 59-64 هود 25-48 الشّعراء 105-121 ] بَوّاب . ([25]) وَهَبُ بنُ مُنَبِّه : عُرِفَ بالقَصَصِ والاسرائِيلِيّات [ سَيرُ أعلامِ النّبلاءِ 4/544 ] . ([26]) محمّد بنُ عَبدِ اللهِ ؛ له كِتابُ (بَدءِ الخَلقِ) و(قَصَصِ الأَنبياءِ) . ([27]) أَحمدُ بنُ محمد بن إبراهيم الثَّعلبِي ؛ له كتابُ (التَّفسيرِ) و(قَصَص الأَنبياء) . ([28]) سورة النحل ، آية 44 . ([29]) سورة الأعراف ، آية 53 ([30]) سورة الأنعام ، آية 158 . ([31]) سورة الزمر ، آية 47 . ([32]) سورة يس ، آية 63 . ([33]) سورة الأحقاف ، آية 34 . ([34]) أَخرَجَهُ : البُخاري (رَقْم : 50 و4777) ومسلم (رَقْم : 8 و9 و10) . ولَفظُ مُسلِم (رَقْم : 10) : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : ( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r « سَلُونِى » فَهَابُوهُ أَنْ يَسْأَلُوهُ . فَجَاءَ رَجُلٌ فَجَلَسَ عِنْدَ رُكْبَتَيْهِ . فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الإِسْلاَمُ قَالَ « لاَ تُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئاً وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ وَتُؤْتِى الزَّكَاةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ » . قَالَ صَدَقْتَ . قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الإِيمَانُ قَالَ « أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكِتَابِهِ وَلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ كُلِّهِ » . قَالَ صَدَقْتَ . قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الإِحْسَانُ قَالَ « أَنْ تَخْشَى اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنَّكَ إِنْ لاَ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ » . قَالَ صَدَقْتَ . قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ قَالَ « مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ وَسَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا إِذَا رَأَيْتَ الْمَرْأَةَ تَلِدُ رَبَّهَا فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا وَإِذَا رَأَيْتَ الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الصُّمَّ الْبُكْمَ مُلُوكَ الأَرْضِ فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا وَإِذَا رَأَيْتَ رِعَاءَ الْبَهْمِ يَتَطَاوَلُونَ فِى الْبُنْيَانِ فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا فِى خَمْسٍ مِنَ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ اللَّهُ » . ثُمَّ قَرَأَ ( إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِى الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ بِأَىِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) قَالَ ثُمَّ قَامَ الرَّجُلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r « رُدُّوهُ عَلَىَّ » فَالْتُمِسَ فَلَمْ يَجِدُوهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r « هَذَا جِبْرِيلُ أَرَادَ أَنْ تَعَلَّمُوا إِذْ لَمْ تَسْأَلُوا » ) [ تحفة 14915 - 10/7 ] . [35] - إيضاح البيان ص 17 – تحقيق د/ على البواب – مكتبة الثقافة الدينية [36]    مدارج السالكين للإمام ابن القيم 3 / 450. [37] - شعب الإيمان للبيهقي - (ج 1 / ص 23) [38]    مدارج السالكين للإمام ابن القيم 3 / 450.  [39]   سورة النحل [40]    الأنبيـاء   25. [41]    النازعات  24 . [42]    القصص   38. [43]    النمـل    14 . [44]   للتوسع انظر كتاب الملل والنحل للشهرستاني 1/230، وتلبيس إبليس لابن الجوزي 54،، الخطط للمقريزي 2/ 344. [45]    الثنوية : "أصحاب الاثنين الأزليين فإنهم قالوا بأن النور والظلمة أزليان قديمان متساويان في القدم ولكنهما يختلفان في أمور منها الجوهر والطبع والفعل والحيز…" الملل والنحل للشهرستاني1 / 244. [46]   منهاج السنة النبوية في نقد الشيعة والقدرية لشيخ الإسلام ابن تيمية 1 / 44. *  ربما يشير عبد المطلب إلى عقيدة البداء، التي اعتبرها الشيعة الرافضة أصلا من أصول مذهبهم، وقولهم فيها يشبه قول اليهود، وقد اشتهرت هذه المقولة قبيل قتل المختار سنة (67هـ) وكان المختار قد تكمن بنصر أصحابه، فلما انهزموا زعم أن الله بدا له. للتوسع، مقالات الإسلاميين1 / 113، الفرق بين الفرق 55-56  قلت: ربما تكون هذه العقيدة قد انتقلت إلى أهل الجاهلية بسبب تأثير الجاليات اليهودية ، وربما كان بسبب غيرهم والله أعلم . [47]   سيرة ابن هشام 1/35 ،تاريخ الطبري 1 / 442. [48]    ديوان زهير، 106 دار صادر بيروت 1964م . [49]    ديوان عنترة بن شداد، 101، ط3، 1980م دار مصعب بيروت لبنان . [50]    ديوان أمية، تحقيق د. عبد الحفيظ السطلي، 343-344، دمشق 1974م. [51] سورة يونس [52]    المؤمنين   84- 89. [53]    الأنعام  136. [54] سورة التوبة [55] سورة التوبة [56] سورة العنكبوت [57]    آل عمران  68 . [58]   الصحاح للجوهري ج2 ص 745. [59]    لوامع الأنوار للسفاريني 1/ 57. [60]   مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 3 /74. [61] سورة الزخرف [62] سورة العنكبوت [63] سورة الزمر [64] سورة الزخرف [65] سورة يونس [66] سورة النمل [67]   شرح العقيدة الطحاوية 24 ، وانظر مجموع الفتاوى 3/ 101، و11 / 50 ، وأنظر أيضا درء التعارض بين العقل والنقل9/ 377. [68]   شفاء العليل لابن القيم، 139 . [69]   إغاثة اللهفان لابن القيم 507. [70]   الفتاوى السعدية 10 ، ويراجع أيضا فتاوى ابن عثيمين 1/ 20، 27 . [71] حافظ بن أحمد حكمي - معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول - دار ابن القيم – الدمام - الطبعة الأولى ، 1410 – 1990- تحقيق : عمر بن محمود أبو عمر – 1/98 ، وانظرعبد الرحمن عبد الخالق - القضايا الكلية للاعتقاد في الكتاب والسنة – ص 17 [72]    الأنبياء 25. [73]    الزخرف  45 . [74]       محمد الطاهر  بن عاشور، رئيس المفتين المالكيين بتونس وشيخ جامع الزيتونة، وهو أعضاء المجمعين العربيين في دمشق والقاهرة، ولد سنة 1296هـ، وتوفي رحمه الله سنة 1393هـ، من مصنفاته "مقاصد الشريعة" و" تفسير التحرير والتنوير" و" أصول الإنشاء والخطابة .  كتاب الأعلام للزركلي 6 / 174. [75]   تفسير التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور 25 / 222. [76]    النحل  36 . [77] ما بين القوسين تصرف مني . [78] إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد - مؤسسة الرسالة – بتصرف يسير (ج 1 / ص 19) [79] حافظ بن أحمد حكمي - معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول - دار ابن القيم – الدمام - الطبعة الأولى ، 1410 – 1990- تحقيق : عمر بن محمود أبو عمر – 1/98 ، وانظرعبد الرحمن عبد الخالق - القضايا الكلية للاعتقاد في الكتاب والسنة – ص 17 [80]  د/ خليفة البلوشي – مناظرات النبي r ص 136 بتصرف . [81]   مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين - محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله - دار الكتاب العربي – بيروت - الطبعة الثانية ، 1393 – 1973 تحقيق : محمد حامد الفقي -  3/ 447. [82]    مدارج السالكين لابن قيم الجوزية 3/ 448. [83]     الجهمية: نسبة إلى جهم بن صفوان الضال المبتدع، تلميذ الجعد بن درهم أول من صدر عنه القول بخلق القرآن، وقال بالإجبار والاضطرار إلى الأعمال، وزعم أيضا أن الإيمان هو المعرفة بالله تعالى فقط، وأن الكفر هو الجهل به فقط، وقال: لا فعل ولا عمل لأحد غير الله تعالى، وإنما تنسب الأعمال إلى المخلوقين على المجاز. للتوسع أنظر الفرق بين الفرق لعبد القاهر البغدادي 211، والملل والنحل للشهرستاني 1 / 97. [84]   القدرية: هم نفاة القدر، ظهرت هذه الفرقة في البصرة وأول من تكلم في القدر رجل من أهل العراق كان نصرانيا ثم أسلم ثم تنصر وأخذ عنه معبد الجهني ثم غيلان الدمشقي والقدرية أربعة أصناف:
  • القدرية النافية .
  • القدرية المجبرة.
  • القدرية المشركية.
  • القدرية الإبليسية. للتوسع يراجع مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 8 /63-65، وتاريخ المذاهب الإسلامية لمحمد أبو زهرة، 162-163، ومذاهب الإسلاميين للدكتور عبد الرحمن بدوي  97-107.
[85]    الجبرية: هم الذين ينفون قدرة العبد ومشيئته وأوضح فرقة تمثل هذا الاتجاه الجهمية الذين يردون كل شيء إلى الله، والعبد عندهم ليست له أي قدرة. للتوسع يراجع الملل والنحل للشهرستاني 1/97، والفرق بين الفرق للبغدادي211.   [86]  مدارج السالكين لابن قيم الجوزية 3 / 348-349. [87]  للتوسع، انظر، بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة والقرامطة والباطنية أهل الإلحاد، ابن تيمية، تحقيق موسى الدرويش، ط2، 1415هـ، وتطهير الإعتقاد من أدران الإلحاد لمحمد بن إسماعيل الصنعاني، مدارج السالكين لابن قيم الجوزية، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، للالكائي، تحقيق حمــدان، الناشر دار طيبة، الرياض، ط1، القول السديد في الرد على من أنكر تقسيم التوحيد عبد الرزاق بن عبد المحسن. [88] حافظ بن أحمد حكمي - معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول - دار ابن القيم – الدمام - الطبعة الأولى ، 1410 – 1990- تحقيق : عمر بن محمود أبو عمر – 1/98 ، وانظرعبد الرحمن عبد الخالق - القضايا الكلية للاعتقاد في الكتاب والسنة – ص 17 [89]    مدارج السالكين 2/ 89، وطريق الهجرتين وباب السعادتين1 / 55. [90]    القول المفيد على كتاب التوحيد شرح الشيخ محمد صالح بن عثيمين 1 / 5. [91]   إن صنيع الإمام ابن مندة يشعر بهذا النوع من التقسيم من حيث اللفظ، وعلى هذا النحو سار جمع من العلماء فبعضهم يوجز من حيث العدد والبعض يفصل كل حسب حاجة عصره، إلا أنهم يتفقون في المضمون والمحتوى. أنظر كتاب التوحيد لابن مندة 1/ 27. وكتاب حقيقة التوحيد والفرق بين توحيد الربوبية والألوهية للدكتور علي بن نفيع 90-91. [92]    البقرة  22. [93]    الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي1/ 87. [94]    مجموع الفتاوى لابن تيمية 10 / 225.. [95]  د/ البلوشي – مناظرات النبي r - ص 140 بتصرف . ([96]) سورة مريم ، آية 58 . ([97]) سورة الزخرف ، آية 59 . ([98]) سورة النمل ، ِآية 19 . ([99]) سورة يوسف ، آية 6 . ([100]) سورة الليل ، آية 7 . ([101]) سورة الصافات ، آية 96 . ([102]) أَخرَجَهُ : البُخاري (رَقْم : 50 و4777) ومسلم (رَقْم : 8 و9 و10) . ولَفظُ مُسلِم (رَقْم : 10) : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : ( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r « سَلُونِى » فَهَابُوهُ أَنْ يَسْأَلُوهُ . فَجَاءَ رَجُلٌ فَجَلَسَ عِنْدَ رُكْبَتَيْهِ . فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الإِسْلاَمُ قَالَ « لاَ تُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئاً وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ وَتُؤْتِى الزَّكَاةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ » . قَالَ صَدَقْتَ . قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الإِيمَانُ قَالَ « أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكِتَابِهِ وَلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ كُلِّهِ » . قَالَ صَدَقْتَ . قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الإِحْسَانُ قَالَ « أَنْ تَخْشَى اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنَّكَ إِنْ لاَ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ » . قَالَ صَدَقْتَ . قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ قَالَ « مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ وَسَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا إِذَا رَأَيْتَ الْمَرْأَةَ تَلِدُ رَبَّهَا فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا وَإِذَا رَأَيْتَ الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الصُّمَّ الْبُكْمَ مُلُوكَ الأَرْضِ فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا وَإِذَا رَأَيْتَ رِعَاءَ الْبَهْمِ يَتَطَاوَلُونَ فِى الْبُنْيَانِ فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا فِى خَمْسٍ مِنَ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ اللَّهُ » . ثُمَّ قَرَأَ ( إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِى الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ بِأَىِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) قَالَ ثُمَّ قَامَ الرَّجُلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r « رُدُّوهُ عَلَىَّ » فَالْتُمِسَ فَلَمْ يَجِدُوهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r « هَذَا جِبْرِيلُ أَرَادَ أَنْ تَعَلَّمُوا إِذْ لَمْ تَسْأَلُوا » ) [ تحفة 14915 - 10/7 ] . ([103]) سورة الفاتحة آية 1 . ([104]) سورة الفاتحة آية 7 . ([105]) سورة التحريم ، آية 6 . ([106]) سورة مريم ، آية 58 . ([107]) سورة الزخرف ، آية 59 . ([108]) سورة النمل ، ِآية 19 . ([109]) سورة يوسف ، آية 6 . ([110]) سورة الليل ، آية 7 . ([111]) سورة الصافات ، آية 96 . [112] - أي من وجوه اشتمال الفاتحة على نقاصد القرآت ([113]) حديثُ : « الدّعاءُ مُخّ العِبادَة » أخْرَجَهُ : التِّرمِذي (رَقْم : 3371) والطّبراني في (الأوسط) (رَقْم : 3220) مِن حديثِ أنسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . وهو حديثٌ ضَعيفٌ بِهذا اللفظِ . واللفظ الصَّحيح هو حديث النّعمان بن بَشير رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مرفوعاً بلفظ : « الدّعاءُ هُو العِبادَة » أخْرَجَهُ : الترمذي (رَقْم : 2969و3247و3372) وأبو داود (رَقْم : 1479) وابن ماجة (رَقْم : ) وأحمد 4/267 والبُخاري في (الأدب المفرد) (رَقْم : 714) ([114]) سورة غافر ، آية 60 . [115] - وقد تعرض الزمخشرى لذلك فى سورة الفاتحة، إذ يقرر أن الرحمن أبلغ من الرحيم، ثم يتساءل: "فإن قلت لم قدم ما هو أبلغ من الوصفين على ما هو دونه، والقياس الترقى من الأدنى إلى الأعلى كقولهم فلان عالم نحرير، وشجاع باسل، وجواد فياض. قلت: لما قال الرحمن فتناول جلائل النعم وعظائمها وأصولها أردفه الرحيم كالتتمة والرديف ليتناول ما دقّ منها ولطف" الكشاف1/7 فالزمخشرى هنا يقرر أن (الرحمن) أبلغ من (الرحيم) ويناقش لم تقدم الأبلغ (الرحمن) وكأن الأمر متقرر ثابت. وقد شايعه الطيبى وجماعة من العلماء - ذكرهم الطيبى فى حاشيته - على كون (الرحمن) أبلغ من (الرحيم) فيقول الطيبى" قوله: فلم قدم ما هو أبلغ" وهذا مقام تكلم فيه العلماء، فلا بد من عد أقوالهم . . ." الطيبى/ فتوح الغيب فى الكشف عن قناع الريب/ مخطوط بدار الكتب 473 تفسير تيمور ق 16. [116] - الالتفات عرفه الطيبي وغيره بأنه الانتقال من إحدى الصيغ إلى صيغة أخرى رعاية لنكتة . انظر التبيان في المعاني والبيان – بتحقيقي – ط مكتبة نزار الباز. -[117] اختلفوا في البسملة: هل هي آية مستقلة من أولها كما هو عند جمهور قراء الكوفة وقول الجماعة من الصحابة والتابعين وخلق من الخلف، أو بعض آية ، أو لا تعد من أولها بالكلية ، كما هو قول أهل المدينة من القراء والفقهاء؟ على ثلاثة أقوال. انظر تفسير ابن كثير في كلامه على البسملة. [118]- علي بن عيسى أبو الحسن الرماني مفسر من كبار النحاة . ولد ببغداد ومات بها سنة 384هـ . له مؤلفات منها : التفسير وهو مفقود ، والمعلوم والمجهول ، والأكوان ، ورسائل في إعجاز القرآن ... وغيرها . انظر ترجمته في : (بغية الوعاة  2 \180 ، 181، وفيات  الأعيان ، وتاريخ بغداد 2\ 16، ونزهة الألباء 289 ، وإنباء الرواة 2 \294). [119] - قاسم بن حبيب ذكره الزبيدي في الطبقة الرابعة من النحاة بالقيروان . (طبقات النحويين واللغويين 372)، وذكره السيوطي في بغية الوعاة  2 \252\ 1917. [120] سورة الضحى ، الآية 3. [121] والفرق بينهما : أن معنى الأول : لا نعبد غيرك ، ولا نستعين بسواك ، والثاني: لا نعبد غيرك ونستعين بك وبسواك . فكرر إياك لقطع الاشتراك في أيٍّ من الفعلين . [122] سورة الشورى ، آية 52 ، 53 والصراط : الطريق والسبيل ، وذلك لقطع دعوى استقامة الطرق السلوكية التي يخترعها الناس ، ولتخصيص الاستقامة بطريق الله وحده. وفي آية الفاتحة ذكر هذا المعنى مفهومًا من نتيجة السلوك على الصراط ، وهي : الإنعام على السالكين من الله . فإنعام الله على سالكيه دليل على أنه طريقه المرضي عنده.