27 April، 2024 كلام رائع لمحمد رشيد رضا في صفة الكلام لله تعالى.نقله وعلق عليه أ.د عبد الحميد هنداوي

كلام رائع لمحمد رشيد رضا في صفة الكلام لله تعالى نقله وعلق عليه أ.د عبد الحميد هنداوي أعلم أيها القارئ أن تقسيم المتكلمين كلام الله تعالى إلى نفسى قديم قائم بذاته سبحانه ليس بحرف ولا صوت ولا ترتيب ولا لغة، وكلام لفظى هو المنزل على الأنبياء عليهم السلام، ومنه الكتب الأربعة، وخلافهم فى كونه مخلوقا أو غير مخلوق هو اصطلاح كله فلسفة وآراء نظرية مبتدعة، لم يرد به كتاب ولا سنة وهو تعرض للبحث التحليلى لذات الله تعالى وصفاته، ومثار للوسواس الشيطانى فيه فاجتنبه، واستعذ بالله منه، وحسبك أن تؤمن بأن الكلام صفة كمال تتعلق بكل ما يتعلق به العلم، إلا أن تعلق العلم عبارة عن انكشاف المعلومات للعالم، وتعلّق الكلام عبارة عن كشف العالم ما شاء من علمه لمن شاء، وأن الله تعالى متصف بكمال العلم والتعليم، وكمال الكلام والتكليم، وأن هذا وغيره مما وصف به نفسه فى كتابه لا ينافى كمال تنزيهه تعالى عما لا يليق به من نقائص عباده ولا يقتضى مماثلته لهم فيما وهبهم من كمال، فإن الاشتراك فى الأسماء لا يقتضى الاشتراك فى المسميات، وأسماء الأجناس المقولة بالتشكيك فى الممكنات تختلف من وجوه كثيرة منها النقص والكمال، فكيف بها إذا كانت مشتركة بين الخالق والمخلوقات؟ فذاته تعالى أكمل من ذواتهم، ووجوده أعلى من وجودهم، وصفاته أسمى من صفاتهم، وهو أعلم، ورسوله أعلم منهم بصفاته وأفعاله، فعليك أن تؤمن بما صح عنهما من إثبات ونفى، ومن غير زيادة ولا نقص، بلا تعطيل ولا تمثيل ولا تأويل، وليس عليك ولا لك أن تحكم رأيك وعقلك فى كنه ذاته ولا صفاته، ولا فى كيفية مناداته وتكليمه لرسله، ولا فى كنه ما هو قائم به، وما يصدر عنه، وعلى هذا كان أصحاب الرسول وعلماء التابعين، وأئمة الحديث والفقه، قبل ظهور بدعة المتكلمين. -------- الوحي المحمدي - المجلد 1 - الصفحة 27 - جامع الكتب الإسلامية محمد رشيد رضا، 1426 هـ - 2005 م، الوحي المحمدي، مجلد 1، صفحة 27، دار الكتب العلمية - بيروت، الأولى، 1426 هـ - 2005 م فانظر إلى هذا الكلام النفيس الذي يدل على التقيد بما ورد في الكتاب والسنة وعدم المزايدة عليهما بفلسفات المتكلمين وهرطقاتهم وتعقيداتهم للعقيدة السمحة، مع الوقوف على مقاصد هذه العقيدة ؛ فليس المقصد هو الاختلاف حول ماهية ذات الله تعالى وماهية صفاته؛ فهذا أمر لا طاقة للمخلوق به، وإنما المقصود عبادة الله تعالى بما تقتضيه هذه الصفات فعلمه يقتضي أن نخشاه ونراقبه، ورحمته وعفوه وغفرانه تقتضي استغفاره والتعلق برحمته ، وكذلك كل صفة ينبغي أن ينشغل العبد بما توجبه عليه من العبودية لله رب العالمين. عبد الحميد هنداوي